Q فضيلة الشيخ: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) ؟
صلى الله عليه وسلم هذا خطير جداً يوجب على الإنسان أن يقطع العجب عن نفسه، لا يقول: أنا عملت أنا عملت، هذا الذي عمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع -يعني: في الزمن- بمعنى: قرب أجله، ليس معناه في الرتبة، يترقى بعمله حتى لم يبق إلا ذراع؛ لأنه لو كان كذلك لم يقتله الله عز وجل، لكن في الزمن حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع يعني في الزمن، أما عمله فليس بشيء؛ لأنه لو كان عمله رقاه إلى أن يكون بينه وبين الجنة ذراع ما خذله الله عز وجل، كيف يخذله وهو يقول: (من تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه باعاً) .
إذا قال قائل: كيف يكون عمله عمل أهل الجنة؟ نقول: نعم، هذا فيما يبدو للناس أنه من أهل الجنة، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من هذه الحال، حال صعبة، ويدل لهذا القيد ما أخرجه البخاري: أن رجلاً كان مع الرسول عليه الصلاة والسلام في إحدى الغزوات وكان رجلاً شجاعاً لا يدع للعدو شاذة ولا فادة إلا قضى عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا من أهل النار) -نسأل الله العافية- فعظم هذا على المسلمين، قالوا: كيف يكون هذا الرجل الشجاع المقدام من أهل النار؟!! فقال رجل: والله لألزمنه ما معنى لألزمنه؟ أي: أكون معه لأرى النهاية، فلازمه فأصيب هذا الرجل بسهمٍ من العدو فجزع فسل سيفه ووضع ذبابه على صدره ثم اتكأ عليه حتى ظهر من ظهره والعياذ بالله، فصارت النهاية أن قتل نفسه، فعاد الرجل الذي لزمه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد أنك رسول الله! قال: بم؟ قال: إن الرجل الذي ذكرت لنا بالأمس أنه من أهل النار فعل كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار) أسأل الله أن يحسن لي ولكم الخاتمة، علينا أن نتريث في الأمور وأن ننظر ماذا نحن فيه وألا نعجب بأنفسنا، فعملنا مهما كان فإن ذنوبنا عظيمة وكثيرة.
إذاً معنى قوله: (حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع) ؟ في الزمن لا في الرتبة، أي: حتى يقرب أجله فيعمل بعمل أهل النار، مثل هذا الرجل الآن عمله عمل أهل الجنة فيما يبدو لنا، لما قرب أجله صار هذا.
أما رجل يعمل بعمل أهل الجنة مخلصاً لله متبعاً لرسول الله حتى يكون في منزلة عالية لم يبق بينه وبين الجنة إلا ذراع فهذا لا يمكن أن يخذله الله عز وجل؛ لأن الله أكرم من عبده سبحانه وتعالى.