Q فضيلة الشيخ! يوجد عندنا مجموعة من الشباب يسكنون في البيوت الخربة القديمة، وبعد زيارة مجموعة من هؤلاء الشباب وجدنا عندهم مجموعة من المنكرات، وهذه وللأسف الشديد ظاهرة قد تفشت في كثيرٍ من البلدان والمجتمعات، وجدنا مجموعة من هؤلاء الشباب يجلسون عند الدشوش، والبعض منهم يلعب بالورق، وفي عموم الكلام أنهم يشغلون أوقاتهم فيما لا فائدة فيه، وبعد زيارتهم تمنوا أن يسمعوا منكم كلاماً حول هذا الموضوع ونصيحة، ولعلنا من خلال ذلك أن نوصل هذا الشريط إليهم ولعل هذا الشريط يكون سبباً في هدايتهم وجزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: لماذا اختاروا هذه البيوت الخربة القديمة؟ السائل: حتى يكونوا بعيدين عن الأحياء الجديدة وعن الناس.
الشيخ: هل هي في أطراف البلاد؟ السائل: إنها بيوتنا التي كنا نسكن فيها قديماً نحن وأجدادنا.
الشيخ: إذاً! داخل البلد.
أما الجواب عما ذكرت: فالحقيقة أن الشاب مع الأسف الشديد أصبح في فراغٍ تام، وأنت تعرف أن الفراغ من أعظم ما يكون سبباً للفساد كما قال الشاعر الحكيم:
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
فالذي ينبغي لهؤلاء الشباب أن يغتنموا أوقات شبابهم فيما يرضي الله عز وجل، إما بطلب علم، أو مذاكرة فيما بينهم، أو قراءة التفسير أو الحديث أو ما ينفع من الكتب المؤلفة، وأن يتجنبوا القيل والقال والغيبة والكلام البذيء ووصف النساء وما أشبه ذلك, وعليهم أيضاً أن يتجنبوا هذه المغريات التي تنشر في الفيديو أو في الدشوش أو في التلفزيون؛ لأنها -والله- السم النقاع الذي يفتك بخلق المرء أولاً، ثم بعقيدته ثانياً؛ لأنه إذا فسد الخلق فسد كل شيء، ولهذا قال الله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء:32] منهج سيئ، لا لمجرد الزنا ونيل الشهوة فقط، بل لأنه يحدث في قلب المرء انصراف عن الله تبارك وتعالى، واتجاهاً إلى أسباب سخطه وغضبه.
فنصيحتي لهؤلاء الشباب ألا يضيعوا شبابهم في مثل هذه الأمور المحرمة، وأن يفكر كل واحدٍ منهم ساعة من الزمن لماذا خلقت؟ وهل الدنيا مجرد لذات وشهوات؟ ثم ليقس نفسه حتى يعرف أن قلبه في وحشة، وأن هذا السرور بهذا اللهو ما هو إلا سرورٌ بدنيٌ ظاهريٌ فقط، لكن سرور القلب بذكر الله تعالى ومحبته وخوفه ورجائه هذا هو السرور الحقيقي فليفكر، ثم إن على هذا الشاب أن يتجنب مثل هؤلاء الأصحاب؛ فإن هؤلاء الأصحاب كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم جلساء السوء: (ومثل جليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة) فعلى الغيورين على أنفسهم الناصحين لهم أن يتجنبوا مصاحبة هؤلاء الأشرار، ونسأل الله السلامة.
ثم على أهليهم من أبٍ أو أخٍ كبير أو عم ملاحظتهم والتعرف على أحوالهم ومنعهم من خلطاء السوء؛ لأن كل رجلٍ راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته.
السائل: يا شيخ! لو يقترح على ولاة الأمر -وفقهم الله في هذه البلاد- ألا يؤجر هؤلاء إلا بموافقة ولي الأمر.
الشيخ: ولي أمرهم أو ولي الأمر العام؟ السائل نفسه: لا ولي الأمر العام قصدي لا يؤجر حتى يوافق ولي الأمر على هذا الشاب؛ لأن -يا شيخ- الغالب من يؤجر الآن أعمارهم خمس عشرة سنة وعشرين سنة! صغار في السن.
الشيخ: لا شك أن هذا من أسباب درء هذه المفسدة، وطريق سليم لمنعها.