السادس: خروج الدم بالحجامة، يعني: إذا حجم الإنسان فخرج منه دم فإنه يفطر ويفسد صومه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) وقد صحح هذا الحديث الإمام أحمد وهو أحد أئمة الحديث والفقه، بل وإمام أهل السنة رحمه الله، فلورعه وعلمه بالحديث وفقهه يطمئن الإنسان إلى هذا القول، أي: إلى أن خروج الدم بالحجامة مفسد للصوم، لكن إذا قال قائل: إفساد صوم المحجوم ظاهر؛ لأنه أخرج الدم الذي يوجب ضعف البدن وانحلاله واحتياجه للأكل والشرب، لكن ما بال الحاجم؟
صلى الله عليه وسلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام إنما قال: (أفطر الحاجم والمحجوم) لحاجمٍ معروف معتاد حجمه في ذلك الوقت، وكانوا في ذلك الوقت يحجمون بالقوارير التي فيها الأنابيب الصغيرة يمصها الحاجم حتى يصل الدم إلى هذا الأنبوب ويعلم أنه بدأ يلتقط الدم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: لأنه ربما مع جذبه الدم يصل إلى معدته شيءٌ منه وهو لا يشعر به، ولهذا قال: (أفطر الحاجم والمحجوم) .
فعلى هذا: إذا حجم وظهر دم من الذي يفطر؟ الحاجم وحده أو المحجوم وحده؟ كلاهما يفطران الحاجم والمحجوم.
وبناءً على ذلك: إذا كان الصوم واجباً كرمضان، وقضائه، والكفارة، والفدية، وما أشبه ذلك هل يجوز أن يحتجم أو لا؟ الجواب: لا، لا يجوز أن يحتجم لأن إفساد الواجب حرام إلا إذا اضطر إلى ذلك وصار يأتيه غشية من هيجان الدم واحتاج إلى أن يحتجم فهنا نقول: احتجم وأفطر: كل واشرب.