Q فضيلة الشيخ! نظراً لعملنا في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكثرة من يخوضون في هذا الجهاز ويتكلمون في أخطائه ويتداعون عليه، نريد منكم كلمة تشجيعية يا فضيلة الشيخ؟!
صلى الله عليه وسلم الكلمة التي أريد أن أقولها هي: أن مقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم المقامات في الدين، حتى كان من وصف الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157] فذكر أربعة أوصاف، بدأها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم قال: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) فهي وظيفة الرسول عليهم الصلاة والسلام، وهي خصيصة هذه الأمة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110] وبنو إسرائيل كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه.
فمقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعلى المقامات في الدين، والذي يدخل فيه بقصد إصلاح عباد الله كالمجاهد في سبيل الله، والذي يوجه الذم والقدح فيه، إن قصد المقام مقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو على خطرٍ عظيم؛ لأنه إذا قصد هذا فقد قدح في الدين، والشريعة، وإن قصد القدح والذم في بعض رجال الحسبة الذين قد لا يكون عندهم الحكمة في الأمر والنهي، فهذا لا يكون خطره كالأول، لكن مع ذلك الواجب على المسلمين إذا رأوا من بعض القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا رأى من بعضهم شيئاً منافياً للحكمة، أن ينصحهم، إما بطريقٍ مباشر، وإما عن طريق رئيسه، يعني: إما أن يقول لرجل الحسبة نفسه: يا فلان أنت قلت كذا وكذا وهذا لا ينبغي، أو عن طريق الرئيس المباشر له.
ثم إني أقول لهؤلاء الإخوة: لا بد أن ينالكم أذى، كما قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان:17] لابد من أذى؛ لأن الناس كلهم ليسوا على الصراط المستقيم، ولابد أن يكون لهم أعداء، لكن عليهم الصبر والاحتساب وأن يعلموا أن كل ما ينالهم من الهم والغم والحزن فإنه مكتوبٌ لهم، فيكتب للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أجران: الأجر الأول: قيامه بالعمل.
والأجر الثاني: الأذى الذي يصيبه من الناس.
كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (أنه ما من همٍ ولا غم ولا أذى يصيب المؤمن إلا كفر الله به عنه) فعليهم بالصبر والاحتساب، واستعمال الحكمة إذا اشتد قبيلهم، فليلينوا حتى يلتئم هذا وهذا، أما إذا اشتد قبيلك واشتددت أنت فإنه لا وفاق بينكما، وكم جرى من الأشياء التي تؤيد ما قلت بأن اللين من أحسن ما يكون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وفي الآداب الشرعية في الجزء الأول لـ ابن مفلح أحد تلاميذ شيخ الإسلام فصول جيدة جيدة جيدة، ينبغي للهيئات أن تطلع عليها، وتنظر كيف يعامل السلف الصالح، أو كيف يتعاملون مع أهل المنكر والتاركين للمعروف.