تفسير قوله تعالى: (وكم من ملك في السماوات والأرض)

قال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم:26] (كم) تكثيرية؛ لأنها تأتي تكثيرية يعني: كثيراً ما، وتأتي استفهامية، فإذا قلت لك: كم مالك؟ استفهامية، وفي قوله تعالى: {وكم من قرية أهلكناها} [الأعراف:4] لتكثيرها، هنا {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ} يعني: كثيرٌ من الملائكة في السماوات لا تغني شفاعتهم، وهنا يقول: {كَمْ مِنْ مَلَكٍ} وما أكثر الملائكة كما قال الله تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء:26] .

{فِي السَّمَاوَاتِ} لا في الأرض، والسماوات أعلى من الأرض، إذا كان هؤلاء الملائكة الكرام الذين مقرهم السماوات -إلا من أذن له أن ينزل الأرض- إذا كانت شفاعتهم لا تنفع، فهل يمكن أن تنفع شفاعة اللات والعزى ومناة؟!!

صلى الله عليه وسلم لا.

يعني: كأن الله يقول لهؤلاء: ما أصنامكم هذه التي تستشفعون بها على الله، (كم من ملك) وهو أشرف من هذه الأصنام (في السماوات) وهي أشرف من الأرض (لا تغني شفاعتهم شيئاً) لو شفع ما تغني إلا بشرطين: (إلا أن يأذن الله لمن يشاء) من الملائكة أن يشفع فيشفع، (ويرضى) أن يرضى عن المشفوع له، وكذلك عن الشافع؛ لأنه لا يمكن أن يأذن للشافع إلا بعد أن يرضى عنه، ولابد أن يرضى عن المشفوع له، وإلا فلا تنفع الشفاعة كما قال عز وجل: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:28] فأصنامكم هذه لن تنفعكم ولن يقبل الله شفاعتها، فشروط الشفاعة الآن ثلاثة: الأول: رضا الله عن الشافع: بأن يكون أهلاً للشفاعة لكونه من المقربين إلى الله عز وجل.

والثاني: أن يرضى عن المشفوع له: بأن يكون أهلاً لأن يشفع له، أما الكافر فما تنفعهم شفاعة الشافعين.

الثالث: الإذن: لقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:255] .

فلابد من شروطٍ ثلاثة: رضا الله عن الشافع، وعن المشفوع له، وإذنه في الشفاعة.

{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} وهذا فيه تيئيس هؤلاء المشركين من شفاعة آلهتهم لهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015