موضوع اللقاء في هذا اليوم هو الكلام على ما تيسر على آيات من سورة النجم، انتهينا فيما سبق إلى آيات في قول الله تبارك وتعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم:18] فلما بين الله سبحانه وتعالى ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم من آيات ربه العظيمة في الآفاق قال: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم:19] ؟ وهذا الاستفهام للتحقير والانحطاط أي: انحطاط رتبة هذه الأصنام التي ذكرها الله عز وجل يعني: أخبروني بعد أن سمعتم من آيات الله الكبرى ما سمعتم أخبرونا عن شأن هذه الأصنام ما قيمتها ما مرتبتها ما عزتها، {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم:19-20] ثلاثة أصنامٍ مشهورة عند العرب يعبدونها من دون الله، ويخضعون لها كما يخضعون لله، ويتقربون إليها كما يتقربون لله عز وجل، ومع ذلك هم يعتقدون أنها لا تنفعهم عند الشدة، إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين، وعلموا أنه لا ينجيهم من هذه الشدة إلا رب العالمين، لكن الشيطان سَوَّلَ لهم وأملى لهم في عبادة هذه الأصنام التي يدعون أنها تقربهم من الله تعالى، كما قال الله عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3] ولكنها في الحقيقة لا تقربهم إلى الله بل تبعدهم منه.
{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم:19-20] الثالثة بالنسبة للاثنتين قبلها، (الأخرى) يعني: المتأخرة وكأنها -والله أعلم- دون اللات والعزى في المرتبة عند العرب.