تفسير قوله تعالى: (وبالأسحار هم يستغفرون)

قال تعالى: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:18] (الأسحار) جمع سحر وهو آخر الليل، (هم يستغفرون) الله، أي: يسألون الله المغفرة، وهذا من حسن عملهم وعدم إعجابهم بأنفسهم، وكونهم يشعرون بأنهم وإن اجتهدوا فهم مقصرون فيستغفرون الله بعد فعل الطاعة، جبراً لما حصل فيها من خلل، وأنتم تعلمون أنه يشرع في نهاية العبادات أن يستغفر الإنسان ربه مما قد يكون فيها من خلل، فبعد الصلاة يستغفر الإنسان ربه ثلاثاً، وبعد الحج قال الله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:198-199] .

فهم يسألون المغفرة بعد تهجدهم وقيامهم وسهرهم في طاعة الله، خوفاً من أن يكون هناك تقصير وهذا مما يدل على معرفتهم بأنفسهم وأنهم يرون أنفسهم مقصرين، خلافاً لما يفعله بعض الناس اليوم إذا تعبد لله بأدنى عبادة شمخ بنفسه وأدل على الله تعالى بها، وظن أنه من عباد الله الصالحين، صحيح أن الإنسان ينبغي أن يرجو ربه إذا أنعم عليه بالطاعة أن الله يقبلها، لكن كونه يرى أنه قد أتم كل شيء، هذا يخشى عليه أن يحبط عمله وهو لا يشعر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015