الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء التاسع والثلاثون بعد المائة من اللقاءات الأسبوعية التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو التاسع عشر من شهر جمادى الثانية عام (1417هـ) .
نبتدئ هذا اللقاء كالعادة بتفسير القرآن الكريم، وقد انتهينا إلى آخر سورة (ق) ونبتدئ الآن بمعونة الله وتوفيقه بسورة الذاريات.
قال الله تبارك وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً * فَالْحَامِلاتِ وِقْراً} [الذاريات:1-2] إلى آخره.
اعلم أولاً: أن البسملة آية من كتاب الله؛ لكنها آية لا تحسب من السورة التي قبلها، ولا من السورة التي بعدها، ولذلك نقول: إن الفاتحة أول آياتها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:1] كما جاء ذلك صريحاً في الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال: (قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) [الفاتحة:1] قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: ((الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)) [الفاتحة:2] قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) [الفاتحة:3] قال: مجدني عبدي، وإذا قال: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [الفاتحة:4] قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)) [الفاتحة:5] قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) .
وبناءً على ذلك لو قرأ الفاتحة بدون أن يقرأ البسملة فصلاته صحيحة؛ لأن البسملة ليست آية من الفاتحة، وتجدون في المصحف أنها معدودة من آياته، فهي رقم (1) ؛ لكن هذا مبني على قول ضعيف، والصواب أن آياتها سبع: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ * غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:1-7] سبع آيات.
يقول الله عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً * فَالْحَامِلاتِ وِقْراً * فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً} [الذاريات:1-4] : أقسم الله تعالى بهذه المخلوقات؛ لأنها دالة على عظمته تبارك وتعالى، ولما فيها من المصالح والمنافع.