تفسير قوله تعالى: (ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب)

ثم قال عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق:38] :- هذه ثلاث مخلوقات عظيمة بيَّن الله عز وجل أنه خلقها في ستة أيام، وأكد هذا الخبر بثلاثة مؤكدات: القَسَم.

واللام.

وقد.

لأن تقدير الآية: والله لقد خلقنا السماوات والأرض.

فالسماوات معلومة لنا جميعاً وهي: سبع سماوات طباقاً.

والأرض هي هذه الأرض التي نحن عليها، وهي سبع أرضين كما جاءت به السنة صريحاً، وكما هو ظاهر في القرآن في قوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق:12] .

{وَمَا بَيْنَهُمَا} : أي: بين السماء والأرض، والذي بين السماء والأرض مخلوقات عظيمة، يدل على عظمها أن الله جعلها عديلة لخلق السماوات وخلق الأرض، فهي مخلوقات عظيمة.

والآن كلما تقدم العلم في الفلك ظهر من آيات الله عز وجل فيما بين السماء والأرض ما لم يكن معلوماً لكثير من الناس من قبل.

{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} : أولها: الأحد، وآخرها: الجمعة، ولو شاء عز وجل لخلقها بلحظة؛ لأن أمره {إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ؛ لكنه جل وعلا يخلق الأشياء بأسباب ومقدمات تتكامل شيئاً فشيئاً حتى تتم، كما أنه لو شاء لخلق الجنين في بطن أمه بلحظة، لكنه يخلقه أطواراً حتى يتكامل، كذلك السماوات والأرض وما بينهما لو شاء لخلقها بلحظة لكنه عز وجل يخلق الأشياء تتكامل شيئاً فشيئاً.

وقال بعض العلماء: وفيه فائدة أخرى وهي: أن يعلم عباده التأني في الأمور، وألا يأخذوا الأمور بسرعة؛ لأن المهم هو الإتقان وليس الإعجال والإسراع.

{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} ، أي: ما مسنا من تعب وإعياء، وهذا كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} [الأحقاف:33] ، فهو عز وجل خلق هذه السماوات العظيمة والأرضين وما بينها بدون تعب ولا إعياء، وإنما انتفى عنه التعب جل وعلا لكمال قوته وقدرته، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً} [فاطر:44] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015