قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات:14] :- ختم الآية بالمغفرة والرحمة إشارة إلى أن هؤلاء الذين قالوا: إنهم آمنوا قريبون من المغفرة والرحمة؛ لأنهم لم يدخل الإيمان في قلوبهم ولكنه قريب من دخولها.
هنا فرَّق بين الإسلام والإيمان، وكذلك في حديث جبريل فرَّق بين الإسلام والإيمان، ففي حديث جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: (ما الإسلام؟ -ماذا قال؟ - قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت) ، في الإيمان ماذا قال له؟ قال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره) ففرق بين الإسلام والإيمان.
وفي أدلة أخرى يجعل الله الإيمان هو الإسلام والإسلام هو الإيمان، فهل في هذا تناقض؟
صلى الله عليه وسلم لا.
إذا قُرِن الإسلام بالإيمان صارا شيئين، وإذا ذكر الإسلام وحده أو الإيمان وحده صارا بمعنى واحد، ولهذا نظائر في اللغة العربية كثيرة، ولهذا قال أهل السنة والجماعة: إن الإسلام والإيمان شيء واحد إذا افترقا، وشيئان إذا اجتمعا، أي: إذا ذُكِرا في سياق واحد فهما شيئان، وإن ذُكِر أحدهما دون الآخر فهما شيء واحد، ويدل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم عدَّد أعمالاً هي من الإسلام وجعلها من الإيمان فقال: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: قول: لا إله إلا الله.
) مع أنها من الإسلام، (قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله) ، (… وأدناها إماطة الأذى عن الطريق …) وإماطة الأذى عن الطريق من الإسلام؛ لأنها عمل من أعمال الجوارح (… والحياء شعبة من الإيمان) هذا في القلب.
والمهم: أن الإيمان والإسلام شيء واحد إذا افترقا، وشيئان إذا اجتمعا.