الحمد لله رب العالمين، وأصلِّي وأسلِّم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا نبتدئ لقاءنا هذا المعبَّر عنه بـ (اللقاء المفتوح) وهو آخر لقاء في هذا العام عام (1416هـ) وهو يوم الخميس التاسع والعشرون من شهر ذي الحجة عام (1416هـ) نختتم به هذا العام، ونسأل الله سبحانه وتعالى لنا وللمسلمين حسن العاقبة والختام.
إن الإنسان العاقل يعتبر من مرور الليالي والأيام وانقضائها سريعاً وذهابها جميعاً، يعتبر في هذه الليالي والأيام كيف تسير، ليس بالساعات ولا بالدقائق ولا باللحظات بل بالأنفاس -أيضاً- إلى أن يأتي الأجل المحتوم الذي ينتقل به الإنسان من دار العمل إلى دار الجزاء، والعاقل يعتبر ما يأتي بما مضى، يعتبر المستقبل بالماضي، إن الماضي مضى وكأنه يوم واحد، بل كأنه ساعة واحدة، بل كأنه دقيقة واحدة، بل إن الإنسان لا يشعر في مقامه بما سبق كلامَه الآن إلا وأنه شيء انقضى وتلِف وهلك، انقضى كأنه ساعة من نهار، وكأن ما جرى فيه من الأحوال أحلامٌ للنيام، فهكذا المستقبل أيضاً، سيأتي ويمضي حتى يَتِمَّ الأجل، وينتهي العمل وينقطع، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) والمؤمن الحازم الكيِّس الفطن هو الذي ينتهز فرص العمر قبل أن تمضي، ينتهزها في الخير قولاً وفعلاً، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) .
إذاً: فالسكوت هو الخير إلا إذا كان الكلام هو الخير، وترك العمل هو الخير إلا إذا كان العمل هو الخير، ولهذا وَصَفَ الله عبادَه عبادَ الرحمن بقوله: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72] .
{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان:63] .
وفي آية أخرى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} [القصص:55] .