الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني والعشرون بعد المائة من اللقاءات التي يعبر عنها بـ (لقاء الباب المفتوح) والتي تتم كل يوم خميس من كل أسبوع.
وهذا هو الخميس الحادي والعشرون من شهر ذي الحجة، عام (1416هـ) ، نتحدث فيه عما منَّ الله به على الحجاج في هذا العام من الصحة والأمن، والاستقرار، والنظافة في جميع المشاعر، حتى أدى المسلمون نُسُكهم -ولله الحمد- على أتم وجه، ولكن لا يخلو مثل هذه التجمعات الكبيرة من بعض النواقص ولا سيما ممن ليس عندهم علم بالشريعة ومقاصدها ومواردها، عامةُ الحجاج جهالٌ عوامٌ لا يعرفون إلا أنهم أدوا النسك؛ وأنهم حجوا وأنهم اعتمروا، لا يشعرون بأن هذه عبادة عظيمة يتلبَّس بها الإنسان من حين الإحرام إلى أن يتحلل، ولذلك تجدهم في عنف عند التلاقي بإخوانهم في المشاعر، وفي الطواف، وفي السعي، وفي رمي الجمرات، وتجد كثيراً منهم لا يقبل النصح؛ لأنه إنما جاء ليؤدي أفعالاً فقط دون أن يُشعر قلبه بأنه في عبادة، وهذا أمر يجب على إخواننا المسلمين كلهم أن يشعروا بأنهم في عبادة من حين الإحرام إلى أن يتحللوا وينتهي نسكهم.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وأخبر بأنه: (من حج، ولم يرفث، ولم يفسق رجع -يعني من ذنوبه- كيوم ولدته أمه) وهذا يؤدي إلى أن يكون المسلم بعد فراغه من الحج خيراً منه قبل فعل الحج؛ لأنه عاد نقياً من الذنوب، فلا ينبغي أن يلطِّخ صفحات أعماله بالذنوب بعد أن طهَّره الله تعالى منها، وذلك بالمحافظة على طاعة الله عز وجل: وأعظمُها وأشدُّها: الصلاة، فإنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الدين، ولا يُمكن أن يكون دين إلا بِها، ولهذا كان أصح الأقوال من أقوال أهل العلم أن تاركها كسلاً، أو تهاوناً كافر كفراً مُخرجاً عن الملة -والعياذ بالله-.
المحافظة كذلك على أداء الزكاة إلى مستحقيها الذين بيَّنهم الله تعالى في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة:60] .
وكذلك الصوم، والحج، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والضيافة، وغير ذلك من شرائع الدين، وشعائره.
نسأل الله لنا ولكم الاستقامة والثبات.