قال تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص:3] (لم يلد) ؛ لأنه جل وعلا لا مثيل له, والولد مشتق من والده, وجزء منه, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في فاطمة: (إنها بضعة مني) والله جل وعلا لا مثيل له, ثم إن الولد إنما يكون للحاجة إليه؛ إما في المعونة على مكابدة الدنيا, وإما في الحاجة إلى بقاء النسل, والله عز وجل مستغنٍ عن ذلك, فلهذا (لم يلد) ؛ لأنه لا مثيل له, ولأنه مستغنٍ عن كل أحد عز وجل, وقد أشار الله عز وجل إلى امتناع ولادته -أيضاً- في قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام:101] فالولد يحتاج إلى صاحبة تلده, وكذلك هو خالق كل شيء, فإذا كان خالق كل شيء, فكل شيء منفصل عنه, (ولم يلد) وفي هذه الجملة رد على ثلاث طوائف منحرفة من بني آدم، وهم: المشركون, واليهود, والنصارى؛ لأن المشركين جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً وقالوا: إن الملائكة بنات الله, واليهود قالوا: عزير ابن الله, والنصارى قالوا: المسيح ابن الله, (ولم يولد) ؛ لأنه عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء.