قال تعالى: {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون:2-3] فجمع بين أمرين: الأمر الأول: عدم الرحمة بالأيتام الذين هم محل الرحمة؛ لأن الأيتام هم الذين مات آباؤهم قبل أن يبلغوا، وهم محل الشفقة والرحمة؛ لأنه فاقد لأبيه, فقلبه منكسر يحتاج إلى جبر, ولهذا ورد في النصوص فضل الإحسان إلى الأيتام, لكن هذا -والعياذ بالله- (يدع اليتيم) يدفعه بعنف؛ لأن الدع هو: الدفع بعنف، كما قال الله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً} [الطور:13] أي: دفعاً شديداً, فتجد اليتيم إذا جاء إليه يستجديه شيئاً أو يكلمه في شيء يحتقره, ويدفعه بشدة, فلا يرحمه.
الأمر الثاني: أيضاً لا يهتمون برحمة الغير, {وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون:3] فالمسكين الفقير المحتاج إلى الطعام لا يحض هذا على إطعامه؛ لأن قلبه حجر -والعياذ بالله- قاسٍ، فقلوبهم {كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة:74] إذاً ليس فيه رحمة لا للأيتام ولا للمساكين, فهو قاسي القلب والعياذ بالله.