قال تعالى: {الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ} [الهمزة:2] هذه أيضاً من أوصافه القبيحة، جماع مناع، يجمع المال ويمنع العطاء، فهو بخيل لا يعطي، يجمع المال ويعدده (وعدده) قيل معنى التعديد يعني: الإحصاء، يعني: لشغفه بالمال كل مرة يذهب إلى الصندوق ويعد، يعد الدراهم في الصباح، وفي آخر النهار يعدها، وهو يعرف أنه لم يأخذ منها شيئاً، ولم يضف إليها شيئاً، لكن لشدة شغفه بالمال يتردد عليه ويعدده، ولهذا جاءت بصيغة المبالغة (عدده) يعني: أكثر تعداده لشدة شغفه ومحبته له، يخشى أن يكون قد نقص، أو يريد أن يطمئن زيادة على ما سبق، فهو دائماً يعدد المال.
وقيل: معنى (عدده) أي: جعله عُدة له، يعني: ادخره لنوائب الدهر، وهذا وإن كان اللفظ يحتمله ولكنه بعيد؛ لأن إعداد المال لنوائب الدهر مع القيام بالواجب لأداء ما يجب فيه من زكاة وحقوق ليس مذموماً، وإنما المذموم أن يكون أكبر هم الإنسان هو المال، يتردد إليه ويعدده وينظر هل زاد هل نقص، فالقول بأن المراد (عدده) أي: عدَّه للمستقبل قول ضعيف.