Q فضيلة شيخنا! لقد قرأنا: أن ميكائيل عليه الصلاة والسلام موكل بالقطر والنبات، فنرجو شرح هذا الكلام حيث إنه لا يمكن أن يكون عمله زجر السحاب وما إلى ذلك بقول وأمر؛ لأن ذلك خاص بالله سبحانه وتعالى؟
صلى الله عليه وسلم هو هكذا شاع بين العلماء: أن ميكائيل موكل بالقطر والنبات.
وليس هناك مانع أن يكون موكلاً بالقطر والنبات بأمر الله عز وجل، فيكون القطر والنبات مسخراً مذللاً له بأمر الله، ألم تر أن الله تعالى قد سخر الرياح لسليمان عليه الصلاة والسلام، مع أن الذي يسخر الرياح ويأمرها في الأصل هو الله عز وجل، فلله تعالى أن يجعل أمراً من أمور مخلوقاته إلى أحد من المخلوقين، وليس ذلك بغريب.
قبض الأرواح موكل فيه ملك يقبض أرواح بني آدم وغيرهم، وأصل الإحياء والإماتة إلى الله عز وجل، لكن الله تعالى قد يوكل أحداً من خلقه على شيء من شئونه جل وعلا، ويكون هذا فاعلاً بأمر الله، والله تعالى إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، حتى في الجماد يأمره أن يفعل فيفعل {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت:11-12] إلى آخر الآية.
السائل: وهل هناك دليل على أن ميكائيل موكل بالقطر والنبات؟ الشيخ: هذا هو المشهور بين أهل العلم، قالوا: إن ميكائيل موكل بالقطر والنبات، وأن إسرافيل موكل بنفخ الصور، وأن جبرائيل موكل بالوحي ينزل به بإذن الله عز وجل إلى الرسل، وقالوا: إن هؤلاء الثلاثة هم الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح في صلاة الليل بربوبية الله تعالى لهم حيث يقول: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) قالوا: إنما كان يستفتح بهؤلاء الثلاثة؛ لأن كل واحد موكل بما فيه الحياة، فجبريل موكل بما فيه حياة القلوب وهو الوحي، وإسرافيل موكل بما فيه حياة الأبدان الحياة النهائية وهي النفخ في الصور، وميكائيل موكل بما فيه حياة الأرض وهو القطر والنبات، وهذا لا يعني: أن الله عز وجل عاجز، الله عز وجل لو شاء لقال: كن فيكون في كل شيء، لكن هذا لإظهار الحكمة وإظهار قوة السلطان وأنه جل وعلا له جنود لا يعلمها إلا هو عز وجل ويعلمنا ما شاء منها.