Q لقد كثر في اليومين السابقين الكلام حول يوم عاشوراء وفي أي يوم سيكون، فبعضهم قال: إن يوم أمس الأربعاء هو يوم التاسع، واليوم الخميس هو العاشر، وبعضهم قال: إن يوم الأربعاء هو يوم الثامن ويوم الخميس هو التاسع، وقد سمعنا أنك بعد صلاة فجر يوم أمس الأربعاء أخبرت المصلين في المسجد: أن اليوم يوم التاسع وهو يوم الأربعاء، فما صحة هذه الأقوال؟ وماذا يفعل من لم يصم يوم الأربعاء إن كان هو يوم التاسع؟ وبماذا تنصح المسلمين تجاه هذا اليوم؟
صلى الله عليه وسلم أما نصيحتي للمسلمين تجاه هذا اليوم فإني أقول: إن هذا اليوم يوم سن صومه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رغب فيه حين قال: (إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها) .
وأما فيما يتعلق بإثبات عاشوراء، فأنا أعطيك قاعدة تبني عليها شرعية من رسول الله عليه الصلاة والسلام: أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام إذا لم نر الهلال ليلة الثلاثين أن نكمل الشهر ثلاثين يوماً، فقال في رمضان: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) وهذه قاعدة في كل الشهور، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان؛ لأنه هو الشهر الذي يحرص الناس به على ترائي الهلال.
وبناءً على ذلك نقول: شهر ذي الحجة متى يكون ثلاثين في هذه السنة؟ يوم الثلاثاء ثلاثين، هل رأيناه ليلة الثلاثاء رأينا هلال محرم؟ الجواب: إن رأيناه وثبت بشهادة اثنين فهذا يوجب دخوله، وإن لم يره إلا واحد أو لم يره أحد فإن الواجب أن نكمل شهر ذي الحجة ثلاثين، وإذا كملنا شهر ذي الحجة ثلاثين صار أول الشهر هذا يوم الأربعاء فيكون يوم الأربعاء هو الثامن، ويوم الخميس هو التاسع، ويوم الجمعة هو العاشر، وهذا هو المتمشي على القواعد الشرعية.
وأما من حدثك أنني قلت للناس: فجر يوم الأربعاء أن اليوم تاسع، فقد كذب، ولم نتكلم، والحمد لله أن الله ربط علينا ألا نتكلم أمس العصر، وإلا كنت أقول: لعلي أعلم الناس حتى لا أغرهم لأني قلت لهم في الخطبة: إن العاشر هو يوم الجمعة، فقلت: لعلي أنبههم، لكن الحمد لله أن الله ربط على لساني ولم أقل شيئاً؛ لأن الناس أكثروا عليَّ، يعني قال واحد: قال: حدثني الشيخ عبد الله السعد عن الشيخ ابن قعود وكلاهما معروف ثقة عن مجلس القضاء: بأن أمس هو التاسع.
ثم جاء آخر وقالوا: سمعنا بالإذاعة عن مجلس القضاء أن الشهر دخل يوم الثلاثاء.
لكن الذي سمعته أيضاً وهو في سند صحيح: أن أحد القضاة سأل الشيخ صالح اللحيدان رئيس المجلس الأعلى للقضاء؟ وقال: إنه لم يثبت عندنا إلا بشهادة واحد.
وشهادة الواحد لا يثبت فيها دخول الشهر إلا في رمضان، فالحمد لله خرجت الآن فتوى من الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي المملكة: بأن يوم الجمعة هو اليوم العاشر، والأمر سهل، الذي صام يوم الأربعاء على أنه التاسع والخميس على أنه العاشر يصوم غداً على أنه العاشر، ويكون له ثلاثة أيام.
ثم أيضاً لا تصدقوا كل ما ينقل عن العلماء، فقد ينقل عن العلماء أشياء تشيب الرأس ما لها أصل.
من الذي نقل يا شيخ قول الشيخ عبد الله السعد؟ أما عبد الله السعد فحدثني أحد الطلبة وهو رجل ثقة عن عبد الله السعد عن عبد الله بن قعود عن مجلس القضاء، وحدثني أيضاً (خالد المزيني) من طلابنا في الجامعة معيد عن مجلس القضاء مباشرة: أن أمس تاسع واليوم عاشر.
والذي يظهر لي والله أعلم: أن هؤلاء الذين في المجلس سمعوا أنه شهد شاهد واحد وقاسوا هذا على شهر رمضان فقالوا ثلاثين.
على كل حال: الحمد لله الأمر واسع، ولم يفت شيئاً، معك غداً تصوم ويكون هو العاشر.
أنا ذكرت حديثاً عن الرسول إذا لم نره نكمل ثلاثين، لكن بعض الناس رضوا في شيء آخر بعد التقويم ثلاثين ذي الحجة حسب الرؤية تعتبر واحداً وثلاثين في التقويم؛ لأن التقويم سبقنا بيوم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وإلى لقاء آخر.