الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء التسعون من لقاءات الباب المفتوح التي تتم في كل خميس من كل أسبوع، وهذا هو الخميس العشرون من شهر ذي القعدة من عام (1415هـ) .
لقاؤنا هذا اليوم سيشتمل على صفة العمرة والحج بإيجاز، ثم في اللقاءات الأخرى سوف نتكلم عن أركان وواجبات الحج والعمرة، ثم عن محظورات الإحرام إن شاء الله تعالى.
من المعلوم لنا جميعاً أن العبادة لا تتم إلا بشرطين: الشرط الأول: الإخلاص لله.
الشرط الثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
دليل هذا قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة:5] فـ (مخلصين له الدين) هذا الإخلاص، و (حنفاء) هذه المتابعة، وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى) .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الله تعالى قال: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) فهذا الإخلاص.
المتابعة: ثبت في الصحيحين أيضاً عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ، وفي لفظ: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) إذاً لا بد من الإخلاص والمتابعة.
ولا تتحقق المتابعة ألا بمعرفة كيف كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل حتى نكون متبعين له، ولهذا ينبغي لنا ونحن نفعل العبادات أن نستحضر هذين الأمرين: الإخلاص والمتابعة.
الإخلاص: بأن لا نبتغي بعباداتنا إلا وجه الله والدار الآخرة، وأن نستشعر أيضاً أننا نمتثل أوامر الله، فمثلاً: عند الوضوء، نحن نتوضأ نغسل الأعضاء المغسولة منها ونمسح الممسوح لكن ينبغي أن نستحضر بأننا نمتثل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:6] إلى آخره.
حتى يتم الإخلاص والإذعان والذل لله عز وجل.
ثم نستحضر أيضاً أننا نتابع الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا؛ لأن هذا مما أمرنا به، كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21] .