أما القيام فما زال أيضاً مشروعاً، فإنه يسن القيام كل ليلة، والأفضل أن يكون بعد منتصف الليل إلى الثلث، ثم ينام السدس لأن هذا هو قيام داود، وهو أفضل القيام: أن تنام نصف الليل الأول، ثم تقوم الثلث، ثم تنام السدس إلى أن يطلع الفجر.
وذلك لأن هذا قيامٌ يشمل الراحة، راحة البدن في أول الليل، وراحة البدن في آخر الليل، مع إدراك النزول الإلهي الذي يكون في الثلث الآخر من الليل، فإن ربنا جل وعلا ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) ولهذا يجد الإنسان لذة عظيمة في الصلاة في هذا الوقت، ومناجاة الله تعالى، حتى إنه يبقى طعمها في قلبه لا يزول أبداً، إلا أن يشاء الله.
فالقيام إذاً مشروع في كل وقت، لا تقل: انقضى رمضان فلا قيام، بل إن القيام في كل وقت وفي كل ليلة إلا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن تخص ليلة الجمعة بقيام، أو يومها بصيام، فقال: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام ولا يومها بصيام) ولهذا يكره أن يصوم الإنسان يوم الجمعة مفرداً له إلا لسبب، مثل أن يوافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم عاشوراء، أو يكون عليه قضاء من رمضان لا يتمكن من قضائه إلا في يوم الجمعة، فيصومه من أجل القضاء لا من أجل أنه يوم الجمعة؛ فهذا لا بأس به.