سبق أن قلنا: أن ليلة القدر في رمضان لا شك، لكن في أي جزءٍ من رمضان أفي أوله أو وسطه أو آخره؟ نقول للجواب على هذا: إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول ثم العشر الأوسط تحرياً لليلة القدر، ثم قيل له: إنها في العشر الأواخر، فاعتكف العشر الأواخر.
إذاً: فليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وفي أي ليلة منها؟ الله أعلم؛ قد تكون في ليلة إحدى وعشرين، أو في ليلة ثلاثين، أو فيما بينهما، لم يأتِ تحديدٌ لها في ليلة معينة كل عام، ولهذا أوري النبي صلى الله عليه وسلم ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين، ورأى في المنام أنه يسجد في صبيحتها في الماء والطين، فأمطرت السماء تلك الليلة أي: ليلة إحدى وعشرين فصلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مسجده، وكان مسجده من عريش، لا يمنع تسرب الماء من السقف فسجد النبي صلى الله عليه وسلم صباحها أي: في صلاة الفجر في الماء والطين، ورأى الصحابة رضي الله عنهم على جبهته أثر الماء والطين، ففي تلك الليلة كانت في إحدى وعشرين، ومع ذلك قال: (التمسوها في العشر الأواخر) ، وفي رواية: (في الوتر من العشر الأواخر) .
ورآها الصحابة ذات سنة من السنين في السبع الأواخر، فقال صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) يعني: في تلك السنة، أما في بقية الأعوام فهي في كل العشر، فليست معينة لكن أرجى ما تكون ليلة سبعٍ وعشرين، وقد تكون مثلاً في هذا العام ليلة سبعٍ وعشرين، وفي العام الثاني ليلة إحدى وعشرين، وفي العام الثالث ليلة خمس وعشرين وهكذا