قال تعالى: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:7] الإنسان ليس شخصاً معيناً بل المراد الجنس، كل إنسان من بني آدم إذا رأى نفسه استغنى فإنه يطغى من الطغيان: وهو مجاوزة الحد، إذا رأى أنه استغنى عن رحمة الله طغى ولا يبالي، إذا رأى أنه استغنى عن الله عز وجل في كشف الكربات وحصول المطلوبات صار لا يلتفت إلى الله ولا يبالي، وإذا رأى أنه استغنى بالصحة نسي المرض، وإذا رأى أنه استغنى في الشبع نسي الجوع، وإذا رأى أنه استغنى في الكسوة نسي العري.
وهكذا.
فالإنسان من طبيعته الطغيان والتمرد متى رأى نفسه في غنى، ولكن هذا يخرج منه المؤمن؛ لأن المؤمن لا يرى أنه استغنى عن الله طرفة عين، فهو دائماً مفتقر إلى الله سبحانه وتعالى يسأل ربه كل حاجة، ويلجأ إليه عند كل مكروه، ويرى أنه إن وكله الله إلى نفسه وكله إلى ضعف وعجز وأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، هذا هو المؤمن، لكن الإنسان من حيث هو الإنسان من طبيعته الطغيان، وهذا كقوله تعالى: {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72] .