Q ما هو التوجيه الصحيح لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم على صورته) ؟
صلى الله عليه وسلم هذا له توجيهات: التوجيه الأول: أن الحديث على ظاهره: (إن الله خلق آدم على صورته) لكن بدون مماثلة، إذ لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له، والله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] ، وقال تعالى: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:74] والدليل على أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر: (بأن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر) ومعلوم أنهم لا يماثلون القمر ليلة البدر، لكن من حيث الحسن والجمال يكونون على صورة القمر، فنقول: كون الشيء على صورة الشيء لا يلزم منه المماثلة، ونحن نؤمن بالكتاب والسنة فنقول: إن الله ليس كمثله شيء ولو كان الشيء على صورته، ونقول: (إن الله خلق آدم على صورته) .
التوجيه الثاني في الحديث: أن الله خلقه على صورة اختارها واجتباها لآدم، فيكون المعنى -أي: الإضافة- التشريف والتكريم، كما في قوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج:26] ومعلوم أن الكعبة ليست بيت الله التي يسكنه بل هو بيته الذي يعظم، وكقوله تعالى: {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس:13] ومعلوم أن هذه الناقة ليست ناقة الله التي يركبها سبحانه وتعالى، حاشاه من ذلك بل أضافها صالح إلى ربه للتشريف أي: تشريف هذه الناقة وتعظيمها.
وكلا الوجهين صحيح، لكن الوجه الأول أسلم؛ لأن الوجه الأول: أن الله خلق آدم على صورته من غير مماثلة، أبعد عن التأويل وهو متماش على ظاهر النص.