ثم قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين:6] هذا استثناء من قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} يعني: إلا المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم لا يردون إلى أسفل السافلين؛ لأنهم متمسكون بإيمانهم وأعمالهم، فيبقون عليها إلى أن يموتوا، وقوله: {فَلَهُمْ أَجْرٌ} أي ثواب {غَيْرُ مَمْنُونٍ} غير مقطوع، ولا ممنون به أيضاً، فكلمة ممنون صالحة لمعنى القطع، وصالحة لمعنى المنة، فهم لهم أجرٌ لا ينقطع ولا يمن عليهم به يعني: أنه إذا استوفوا هذا الأجر لا يمن عليهم فيقال: أعطيناكم وفعلنا وفعلنا، وإن كانت المنة لله عز وجل عليهم بالإيمان والعمل الصالح والثواب كلها منة من الله، لكن لا يمن عليهم به أي: لا يؤذون بالمن كما يجري ذلك في أمور الدنيا، إذا أحسن إليك أحدٌ من الناس فربما يؤذيك بمنه عليك في كل مناسبة، يقول: فعلت بك وأعطيتك وما أشبه ذلك.