حكم الاجتماع للتعزية

Q فضيلة الشيخ إذا مات لأناس ميت فإنهم يجلسون في البيت ويستقبلون المعزين، وقد سمعنا عنكم أن هذا بدعة، فهل جلوسهم هذا يعتبر محرماً؟ ثم هل يغلقون بابهم أمام الزائرين وكذلك الهاتف؟ وهل الذاهبون إلى هؤلاء للتعزية آثمون؟ ثم ما حكم الوالد أو الوالدة بذلك؟

صلى الله عليه وسلم على كل حال نقتصر على الفقرة الأولى لأن قاعدتنا ألا نزيد على سؤال.

الاجتماع للتعزية لا شك أنه بدعة، فهاهو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يموت له أبناء وأعمام وأصحاب ولم يجلس يوماً من الدهر ليتلقى العزاء، مع أنه هو المشرع، ومع أن الصحابة رضي الله عنهم أشد الناس في مواساة الرسول عليه الصلاة والسلام وتعزيته، لكن لم يفعلوا، ولم يتوافدوا إليه ليعزوه وما علمنا بهذا أبداً، بل قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: [كنا نعد الاجتماع لأهل الميت وصنع الطعام من النياحة] ومعلوم أن النياحة من كبائر الذنوب، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن النائحة والمستنيحة.

وإني أقول لكم من هذا المكان: العادات لا تحكم على الشرع، وإنما الشرع يحكم على العادات، أي: يجب أن نرد العادات إلى الشرع، لا أن نرد الشرع إلى العادات، لا نقول: الناس اعتادوا هذا، الجاهلية اعتادوا الشرك هل تركهم الرسول على ما هم عليه؟ والعصاة اعتادوا المعصية هل نتركهم؟ فإذا كان هذا الأمر ليس موجوداً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عهد الصحابة فلماذا نفعله؟!! ثم إن هذا الاجتماع يصحبه في بعض البلدان إيقاد الأنوار، تجد البيت كأنه بيت عرس وقد صفوا الكراسي، واجتماع الناس هذا داخل وهذا خارج، وربما يحصل بكاء وعويل، وربما يأتي قارئ يقرأ بالمال يريد بعمل الآخرة الدنيا فنعينه على هذا الأثم.

فالحاصل: أنا نرى أن هذا من البدع، وأنه يكف عنه، وقد ذكر ذلك أهل العلم قبلنا انظروا إلى كتبهم، ولكن قد يقول قائل: إذا كان قرابة الرجل يريدون أن يأتوا إلى بيت قريبهم ليعزوه وينصرفوا، بدون أن يفتح الباب ويستقبل الناس هذا داخل وهذا خارج، فأرجو ألا يكون في هذا بأس، ولا حرج.

لأنه أحياناً لو مات عمك أو أخوك فليس من صلة الرحم ألا تذهب إلى بيتهم تعزيهم، اذهب وعزهم لكن من دون اجتماع، أتدرون لماذا شرع العزاء؟ شرع لأجل أن نقوي المصاب على الصبر والتحمل، لا لنجتمع إليه من أجل أن نصبح معه.

وعليه: فإذا كان هذا الذي مات له قريب لم يهتم بقريبه إطلاقاً، بل ربما يفرح أنه مات؛ لأنه بينه وبينه مشاكل في الدنيا، فهذا لا يستحق التعزية، ربما يقول: هذا يستحق التهنئة؛ لأنه مات خصمه، لكن الناس اعتادوا من مات له قريب ذهبوا وعزوه واجتمعوا إليه، وبعض الناس يذبحون ذبائح، فنقول: لا تكلف نفسك في أمر ليس مستحباً لك في الشريعة، إنما فيه إضاعة الوقت والمال، والمخالفة لهدي السلف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015