قال تعالى: {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى} [الضحى:4] هذه الجملة مؤكدة بلام الابتداء، (والآخرة) هي اليوم الذي يبعث فيه الناس ويأوون إلى مثواهم الأخير إلى الجنة أو إلى النار، فيقول الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وللآخرة خير لك من الأولى) أي: من الدنيا، وذلك لأن الآخرة فيها: (ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) و (موضع سوط أحدنا في الجنة خير من الدنيا وما فيها) ، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولهذا لما خير الله نبيه صلى الله عليه وسلم في مرضه بين أن يعيش في الدنيا ما يعيش وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله، كما أعلن ذلك صلى الله عليه وعلى آله وسلم في خطبته حيث قال وهو على المنبر: (إن عبداً من عباد الله خيَّره الله بين أن يعيش في الدنيا ما شاء الله أن يعيش وبين ما عنده فاختار ما عنده) فبكى أبو بكر رضي الله عنه، وتعجب الناس من بكائه كيف يبكي من هذا؟!! ولكنه رضي الله عنه كان أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، علم أن المخير هو الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنه اختار ما عند الله وهي الآخرة، وأن هذا إيذان بقرب أجله.