Q فضيلة الشيخ! إذا دخل الرجل إلى المجلس، فقام الناس للسلام عليه سواءً كان قادماً من سفر، أو جاء من نفس البلدة، فما حكم هذا السلام؟
صلى الله عليه وسلم لا بأس أن يقوم الإنسان للشخص ليتلقاه بالسلام، أو التهنئة بمولود، أو نحو ذلك، فقد قام طلحة رضي الله عنه حين أقبل كعب بن مالك ودخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه، فقام طلحة يهنئه بتوبة الله عليه، قال: (فكنتُ لا أنساها لـ طلحة) ، فهذا لا بأس به.
ولهذا يقول العلماء في هذا الباب: هناك ثلاثة أصناف للقيام: قيام للشخص، وقيام إلى الشخص، وقيام على الشخص.
فالقيام للشخص: جائز؛ لكن الأولى تركه، إلا إذا اعتاد الناس أن عدم القيام إهانة للداخل فلْيُقَمْ له.
والقيام إلى الشخص: جائز، بل يكون مطلوباً إذا كان الشخص أهلاً لذلك.
والقيام على الشخص: هذا منهِيٌّ عنه، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلى بأصحابه جالساً وصلوا هم قياماً؛ لأنهم قادرون، فأشار إليهم أن اجلسوا.
وبين أن ذلك منهيٌّ عنه؛ لأنه فعلُ الأعاجم بملوكها؛ إلا إذا كان فيه مصلحة للإسلام فقُمْ، أو كان هناك خوف على الذي قمت على رأسه فقُمْ.
مثال المصلحة: تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وعلى آله وسلم لما ذهب إلى مكة معتمراً صده المشركون، وكان بينه وبينهم مراسلات، وكان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قائماً على رأسه بالسيف، ولم يقل له الرسول: لا تقُمْ! لماذا؟ للمصلحة، وهي إغاظة المشركين.
ولهذا في ذلك اليوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا تكلم سكتوا، وإذا تنخم نخامة استقبلوها بأيديهم، ثم دلكوا بها وجوههم وصدورهم، مع أنه لم يكن هذا من عادتهم؛ ولكن فعلوا ذلك إغاظة للمشركين.
ولهذا لَمَّا رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتبختر في مشيته بين صفَّي المسلمين والكفار، قال: (إنها لَمِشْيَةٌ يبغضها الله إلا في هذا الموطن) ، فمِشْيَةُ الخيلاء والتبختر حرام؛ لكن إذا كان فيها إغاظة للمشركين فلا بأس.
فانتبهوا لهذه الأقسام الثلاثة، وهي: القيام للشخص، والقيام إلى الشخص، والقيام على الشخص.