الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء التاسع والستون من اللقاءات الأسبوعية التي لُقِّبت بـ (لقاء الباب المفتوح) ، والتي تتم في كل يوم خميس، وهذا هو الخميس العاشر من شهر ربيع الأول عام: (1451هـ) .
نبتدئ هذا اللقاء بتفسير سورة البلد؛ لأننا قد بدأنا تفسير جزء عم من سورة النبأ.
يقول الله عزَّ وجلَّ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} [الفاتحة:1] : البسملة آية مستقلة، وهي من كلام الله؛ لكنها ليست من السورة التي قبلها، ولا من السورة التي بعدها، بل هي آية مستقلة تُفْتَتَح بها السور إلا سورة براءة، فإن افتتاح سورة براءة بالبسملة من البدعِ، والخروجِ عن منهج الصحابة رضي الله عنهم، بل ونحن نعلم أن البسملة لم تنزل بين سورة الأنفال وسورة التوبة؛ لأنها لو نزلت لحُفِظت، لقول الله تبارك وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] ؛ لكنها لم تنزل؛ إلا أن الصحابة عند جمع القرآن وكتابته الكتابة الأخيرة أشكلت عليهم سورة براءة، هل هي من سورة الأنفال، أم أنها مستقلة، فوضعوا فاصلاً دون البسملة.
ولي تعريجةٌ يسيرةٌ على ما سبق في الدرس الماضي في قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذَّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثَقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} [الفجر:25-26] فإني قرأتهما هكذا بفتحِ كلٍّ مِن (يُعَذَّبُ) و (يُوْثَقُ) ، وفسَّرتُهما على هذه القراءة؛ لأن في الآيتين المذكورتين قراءتين: القراءة الأولى: بالكسر، وهي التي في المصحف، {فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} [الفجر:25-26] ، أي: لا يعذِّب عذابَ الله أحدٌ، بل عذابُ الله أشد، ولا يوثِق وثاقَ الله أحدٌ، بل وَثاقُ الله أشد.
القراءة الثانية: بالفتح، وهي: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذَّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثَقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} [الفجر:25-26] ، أي: لا يعذَّب عذابَ هذا الرجل أحدٌ، ولا يوثَق وثاقَ هذا الرجل أحدٌ، وهذا هو الذي قرأنا الآيتين عليه، وفسرناهما به.
فلأجل هذا جَرَى التنبيه.