Q شيخنا المبارك! نفع الله بعلمكم وسدَّد خطاكم! بعض الشباب منذ نشأته يسير مع الشباب الخيِّر الصالح من أساتذة وإخوان، ثم يرى في بيته بعض المنكرات، فكيف يتعامل مع هذه المنكرات؛ مع كلٍّ مِن والدَيه، وأهل بيته؟
صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:3] ومعنى {بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الشعراء:3] أي: مُهْلِكُها إذا لم يؤمنوا.
وقال: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:20] .
وقال: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ * إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية:21-26] .
فأقول لهذا الأخ الصالح: أسأل الله لك الثبات، وأقول لك: انصح أهلك بقدر ما تستطيع، فإن حَصَلَ المطلوب فذلك المطلوب، وإن لم يَحْصُل فهاهو إبراهيم قال لأبيه آزر: {أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأنعام:74] .
وقال: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} [مريم:42] .
ولما أَيِس منه قال: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً} [مريم:47] حتى نهاه الله عزَّ وجلَّ، {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة:114] .
فأقول لهذا الأخ: اجتهد في نصح أهلك، واجلب إليهم الأشرطة النافعة، والكتيبات، والرسائل، فإن اهتدوا فلك ولهم، وإن لم يهتدوا فلك وعليهم، ثم إن اضطررت إلى البقاء في البيت لكونك ليس لك دخل تستطيع به أن تنفرد عنهم فلا بأس أن تبقى، وتحرص على البُعد عن مشاهدة الأشياء المحرمة، أو سماع الأشياء المحرمة، وتنفرد في غرفتك، وإذا استطعتَ أن تخرج فاخرج.
وفي هذه الحال يُشْكِل على بعض الشباب أنه ربما يغضب عليه الوالد أو الوالدة! فنقول: غضب الوالد أو الوالدة يمكن إزالته بالترضِّي والمداراة؛ لكن غضب الرب لا يمكن النجاة منه إلا بأن تترك ما يُغْضِب الرب عزَّ وجلَّ، فاخرج ولا عليك، حتى ولو غضبوا فإنك ترضيهم إن شاء الله، إما بالمال أو بالمساعدة، أو بغير ذلك.