قال تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر:29] أي: ادخلي في عبادي الصالحين لتكوني مِن جملتهم؛ لأن عبادَ الله الصالحين هم خير طبقات البشر، والبشر طبقاتهم ثلاث: الطبقة الأولى: مُنْعَمٌ عليهم.
الطبقة الثانية: مغضوبٌ عليهم.
الطبقة الثالثة: ضالُّون.
كل هذه الطبقات مذكورةٌ في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:6-7] .
وأنا أسألكم: هل يشعر أحدكم عندما يقرأ هذه الآية بأن الذين أنعم الله عليهم هم: النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، فيسأل الله أن يهديه صراط هؤلاء؟! أكثر الناس لا يشعر، بل أكثرهم يقرؤها هكذا؛ لكن لا يشعر أن هذه الآية تاريخ، أي أنها تشير إلى تاريخ الأمم، وأن الطبقة الثانية المغضوب عليهم هم اليهود وأشبهاه اليهود مِن كل مَن عَلِم الحق وخالفة؛ لأن كل مَن عَلِم الحق وخالفَه ففيه شَبَهٌ من اليهود، كما قال سفيان بن عيينة رحمه الله: [مَن فَسَدَ مِن علمائنا ففيه شَبَهٌ مِن اليهود] .
ومَن هُم الضالون؟ هُم النصارى، الذين جهلوا الحق، أرادوه لكن عُمُوا عنه -والعياذ بالله- وما اهتدوا إليه.
قال ابن عيينة: [ومَن فَسَدَ مِن عُبَّادنا ففيه شَبَهٌ مِن النصارى] لأن العُبَّاد يريدون الخير ويريدون العبادة؛ لكن ليس عندهم علم، فهم ضالون.
فأقول يا إخواني! الناس طبقات ثلاث: المُنْعَمُ عليهم، والمغضوبُ عليهم، والضالُّون.
وهنا يقول: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر:29] فالمراد بالعِباد أيّ الطبقات؟ المراد بهم الطبقة الأولى وهم: المُنْعَم عليهم.