Q فضيلة الشيخ! هناك أخ لنا في المدينة أتى من أمريكا وأسلم حديثاً، وفي أيام جاهليته اكتسب مالاً كثيراً عن طريق تجارة المخدرات، فحمل معه هذه الأموال الكثيرة وكون لنفسه مكتبة عظيمة وتزوج بها ثلاثاً من النسوة، وفي هذه الأيام الأخيرة أخبر بأنه لا يجوز له أن يتصدق بهذه الأموال؛ لأن الله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا الطيب، فيسألك ماذا عليه أن يصنع بهذه الأموال وما صحة هذا الكلام؟
صلى الله عليه وسلم نقول لهذا الأخ الذي منَّ الله عليه بالإسلام بعد أن اكتسب مالاً حراماً: أبشر؛ فإن هذا المال حلال له وليس عليه فيه إثم، لا في إبقائه عنده ولا فيما أنفق منه، ولا فيما تزوج به منه؛ لأن الله تعالى قال في الكتاب العزيز: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:38] أي: كل ما سلف، و"ما" هذه من صيغ العموم؛ لأنها اسم موصول، يعني: كل ما تقدم فهو مغفور له، حتى لو كان قد قتل نفساً محرمة أو أخذ مالاً فإنه مغفور له، لكن المال الذي غصبه من صاحبه يرده عليه، أما المال الذي اكتسبه عن طريق الرضا بين الناس وإن كان حراماً كالذي اكتسبه بالربا أو المخدرات أو غيرها فإنه حلال له، لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:38] وكذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام لـ عمرو بن العاص حين أسلم: (إن الإسلام يهدم ما قبله) هدماً لا يبقي له أثراً.
وكثير من الكفار أسلموا وقد قتلوا من المسلمين من قتلوا، ومع ذلك لم يؤاخذوا بما عملوا، فقل لهذا الأخ أن ماله حلال وليس فيه بأس، وليتصدق منه، وليتزوج به امرأة ثانية إن كان عنده امرأة واحدة وثالثة ورابعة، ويفعل به ما يشاء، وأما ما قيل له فليس مبنياً على أصل.