Q فضيلة الشيخ! ما حكم طلب المسلم الدعاء ممن يتوسم فيه الخير، ويكون ذاهباً إلى الحج أو سفر أو غيره، فيطلب منه الدعاء له بظهر الغيب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أثنى على أويس، وحث الصحابة رضوان الله عليهم على طلب الدعاء منه؟ وهل كره شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك وخص الحديث بـ أويس؟ أفيدونا وفقكم الله.
صلى الله عليه وسلم طلب الدعاء من الرجل الذي ترجى إجابته؛ إما لصلاحه أو لكونه يذهب إلى أماكن ترجى فيها إجابة الدعاء كالسفر والحج والعمرة وما أشبه ذلك هو في الأصل لا بأس به، لكن إذا كان يخشى منه محذور؛ كما لو يخشى اتكال الطالب على دعاء المطلوب، وأن يكون دائماً متكلاً على غيره في ما يدعو به ربه، أو يخشى من أن يُعجب المطلوب بنفسه، ويظن أنه وصل إلى حد يُطلب منه الدعاء فيلحقه الغرور، فهذا يمنع لاشتماله على محذور.
وأما إذا لم يشتمل على محذور فالأصل فيه الجواز، لكن مع ذلك نقول: إنه لا ينبغي؛ لأنه ليس من عادة الصحابة رضي الله عنهم أن يوصي بعضهم بعضاً بالدعاء، وأما ما يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ عمر: (لا تنسنا يا أخي! من صالح دعائك) فإنه ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما سؤال بعض الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء، فمن المعلوم أنه لا أحد يصل إلى مرتبة النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فقد طلب منه عكاشة بن محصن أن يدعو له فيجعله من الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، فقال: (أنت منهم) ودخل رجل يسأله أن يسأل الله الغيث لهم فسأل.
وأما إيصاء النبي للصحابة أن يطلبوا من أويس القرني أن يدعو لهم فهذا لا شك أنه خاص به، وإلا فمن المعلوم أن أويساً ليس مثل أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي، ولا غيرهم من الصحابة، ومع ذلك لم يوصِ أحداً من الصحابة أن يَطلب من أحدهم أن يدعو لهم.
وخلاصة الجواب أن نقول: إنه لا بأس بطلب الدعاء ممن ترجى إجابته، بشرط ألا يتضمن ذلك محذوراً، ومع هذا فإن تركه أفضل وأولى.