الطيب

يحرم على المحرم الطيب: فلا يجوز للمحرم أن يتطيب لا في ثوبه ولا بدنه ولا بطعامه ولا بشرابه رجلاً كان أم امرأة، متى عقد الإحرام حرم عليه الطيب؛ والدليل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته، قال: (لا تحنطوه) والتحنيط: تطييب الميت؛ لأن الميت إذا مات يجعل له حنوط، يعني: أخلاطاً من الطيب، تجعل في قطن ثم توضع على عينه أو على أنفه أو مغابنه، حتى ينقل إلى قبره وهو على أحسن ما يكون من طهارة ونظافة وتطييب، حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للاتي يغسلن ابنته: (اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الآخرة كافوراً) .

فهذا يدل على أننا ننظف الميت تنظيفاً تاماً، ثم نضع فيه الحنوط، ثم نلف عليه أكفانه، لكن قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تحنطوه) أي: لا تطيبوه، يدل على أن المحرم لا يطيب وهو كذلك، ودليل آخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا تلبسوا ثوباً مسه الزعفران ولا الورس) فإن تطيب المحرم قبل أن يحرم وبقي أثر الطيب عليه بعد الإحرام فلا يضره، بل يسن للمحرم إذا اغتسل قبل أن يلبس ثوب الإحرام وقبل أن يعقد النية أن يطيب رأسه ويكثر فيه الطيب وكذلك لحيته، لقول عائشة رضي الله عنها: (كنت أرى وبيص المسك في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم) .

فالرسول صلى الله عليه وسلم كان له شعر يصل إلى كتفيه وإلى شحمة أذنيه أحياناً، وكان يفرقه فرقاً على الناصية، وفرقاً على الجانبين، ويضع فيه الطيب، وكان يكثر من الطيب، فيرى في مفارقه وبيص المسك، أي: بريقه ولمعانه وهو محرم، فإذا قال إنسان: إذا تطيبت في رأسي وتوضأت فماذا أفعل؟ لأني لو توضأت سوف أمس رأسي، وإذا مسحت رأسي سوف أمس الطيب، فهل هذا يضر؟ نقول: هذا لا يضر؛ لأنك لم تضع طيباً جديداً على بدنك بعد الإحرام، نعم لو فرضنا أن الإنسان يقصد أخذ شيء من الطيب الموجود على رأسه فيطيب به بقية بدنه فهذا حرام، أما شيء بغير قصد وإنما تتوضأ فتمس يدك الطيب، فإن هذا لا يضر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015