Q نريد إيضاح حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قول النبي صلى الله عليه وسلم عن السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب: (لا يسترقون.
) الحديث، فهل عموم العلاج يدخل في الحديث؟ وإذا كان لا يدخل فما الفرق بينه وبين الرقية لأن كلاً منهما سبب؟ وكيف نفهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم لـ عائشة وغيرها أن يسترقوا من العين؟ وإذا علمنا رجلاً أصابته عين فهل نأمره بالرقية أم نرشده إلى الصبر والاحتساب؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيراً.
صلى الله عليه وسلم قوله في حديث السبعين ألفاً: (ولا يسترقون) أي: لا يطلبون الرقية من غيرهم، ولكنه عليه الصلاة والسلام أمر بالتداوي وأرشد إليه وقال: (ما أنزل الله داءً إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله) والفرق بينهما من وجهين: الوجه الأول: أن تعلق الإنسان بالراقي أكثر من تعلقه بالتداوي؛ لأن الراقي إذا قدر الله تعالى أن ينتفع به المريض برقيته صارت العلاقة بينه وبين هذا المريض علاقة روحية، فربما يفتتن به ويقول: هذا من أولياء الله.
وما أشبه ذلك، وقد يحصل معه شيء من الشرك، ولهذا جاء بعدها: (وعلى ربهم يتوكلون) .
الثاني: أنه قد يطلب الرقية من شخص ليس أهلاً لذلك؛ لأنه لا يداوي بشيء حسي يعرف، فيرقي هذا الذي سئل بالرقية ثم يحصل الشفاء، لا بالرقية -لأنها غير شرعية- ولكن عند الرقية، فيفتتن الناس أيضاً بهذا الرجل، ويظنونه ممن تجاب دعوته، وممن يتبرك بقراءته وليس كذلك.
فلهذا قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يسترقون) ولم يقل: ولا يتداوون، وعلى هذا فالدواء مطلوب، وأما الاسترقاء فإن الأفضل تركه، لكن لو أنّ أحداً من الناس هو الذي تقدم وقرأ عليك ولم تمنعه فإن هذا لا يمنع من دخول الإنسان في الحديث؛ لأنك لم تطلب الرقية، وكذلك لو أنك رقيت على أخيك فإنك محسن إليه ولا تخرج بهذه الرقية من صفات هؤلاء السبعين ألفاً، ولهذا نقول: إن ما ورد في صحيح مسلم من زيادة وهي قوله: (ولا يرقون) زيادة شاذة ليست بصحيحة، والصواب: (ولا يسترقون) فقط، أما الرقية من العالم فلأن العالم معروف، فتطلب منه الرقية؛ لأنه إذا رقى على الإنسان فإنه ينتفع بذلك بإذن الله عز وجل، كالطبيب الذي يداوي.
أما هل نأمر الذي أصيب بالعين بالرقية، أو نأمره بالصبر؟ فنقول له: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى طريقة الشفاء من العين، حيث أمر الذي عاين أحد الصحابة أن يغتسل ويتوضأ، فيؤخذ من مائه فيصب على المصاب حتى يشفى.