Q فضيلة الشيخ: بالأمس كان المطر يتساقط عندنا من صلاة العصر حتى صلاة العشاء في بلدة شمال بريدة، وكنت إماماً، وطلب المؤذن أن تجمع الصلاة وتحيرت في الأمر، لكن كان من إلحاح المؤذن أن نجمع فجمعنا الصلاة، وقد وردت فتوى لسماحتكم أنه لابد أن نتحقق من المطر وشدته وخروج الناس حال المطر، هل يؤثر عليهم، فأريد توضيح الضابط في هذا الجمع من جميع الجوانب جزاك الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم يجب أن تعلم أن الأصل وجوب أداء الصلاة في وقتها، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:103] وقد أجمع العلماء على أن تقديم الصلاة قبل وقتها بدون عذر شرعي حرام يقتضي عدم صحتها؛ لأن هذا خلاف ما أمر الله به، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) هذا هو الأصل، وهذا شيء محكم ليس فيه اشتباه.
فإذا وجد سبب للجمع -تقديم أو تأخير- فإن العلماء مختلفون في هذا؛ منهم من يرى أنه لا جمع إلا بـ عرفة ومزدلفة فقط، ومنهم من يرى الجمع بكل حال، وهذا رأي الرافضة، حيث يرون أنه يجوز الجمع بدون سبب، إن شئت اجمع وإن شئت لا، لكن الصحيح أن الجمع جائز للمشقة، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (جمع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة من غير خوف ولا مطر) قالوا: (ما أراد من ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته) .
ومعنى (يحرج) أي: ألا يلحقها الحرج، فالحرج مرفوع في شريعتنا، فإذا كان في ترك الجمع حرج ومشقة على الناس إما لكون الأسواق وحلاً، أو لكون المطر ينزل يبلل الثياب ويؤذي الماشين، فهذا عذر، أما إذا كان ينزل قطرات يسيرة والجو دافئ والأسواق ليس فيها وحل، فلا تجمع حتى لو أصر المؤذن أو المأمومون، أرأيت لو صمت رمضان في شعبان هل يجوز؟!! فإذا قدمت العشاء مع المغرب بدون عذر فإنه لا يجوز، والعجيب الآن أنني أذكر أن الناس كانوا في السابق ليس هناك كهرباء والأسواق مظلمة ووحل وطين وليس هناك إسفلت، ومع ذلك كانوا لا يجمعون إلا لمشقةٍ شديدة، بحيث أن الإنسان لا يأتي إلى المسجد إلا ومعه عصا يتوكأ عليها، أو مطر وابل صيب، وهم أشد مشقة من الآن بكثير، الآن ولله الحمد غالب الأسواق مسفلتة ومضاءة، وليس هناك مشقة ولا حرج، فالتهاون في هذا غلط عظيم؛ فأنت لديك نص محكم، وهو وجوب الصلاة في وقتها وعندك سبب مبيح للجمع، فإذا كنت لم تتيقن أن السبب صحيح شرعي فلا تجمع، والإمام هو الذي له الحكم في هذه المسألة، المؤذن له الحكم في الأذان أما مسألة الصلاة والجمع فهذه إلى الإمام.