Q فضيلة الشيخ: كثير من الإخوة يشكون من أن الأم قد لا تحب زوجة الابن، ويكون الابن قد تعلق بزوجته وأحبها، فتأمره الأم بطلاقها، وكذلك قد يأمره الأب، فهل إذا رفض طلاق زوجته يعتبر عاقاً لوالديه؟
صلى الله عليه وسلم لا يلزم الابن أن يطيع أبويه إذا أمراه بطلاق زوجته؛ لأن هذه تتعلق برغبة خاصة بالإنسان، ولا يلزمه أن يقبل ما أمره والداه به من مفارقة الزوجة، كما لو قالا له: لا تأكل من هذا الطعام، لا تأكل لحماً، لا تأكل أرزاً، لا تأكل الشيء المعين، وهو مما يشتهيه، فلا يلزمه طاعتهما في ذلك؛ لأنه لا مصلحة لهما في ذلك، وفيه ضررٌ عليه لفوات محبوبه.
فكذلك إذا قالا: طلق زوجتك.
لا يلزمه طلاقها إلا بسببٍ شرعي معلوم يقر به الزوج، فهنا يلزمه -لا من أجل أمرهما- حتى لو كانا لم يأمراه بذلك، وربما يورد مورد علينا قصة عبد الله بن عمر مع أبيه رضي الله عنهما، حيث أمر عمر ابنه عبد الله أن يطلق زوجته، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله أن يطلقها.
والجواب عن هذا: أن هذا الإيراد أورد على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الإمام المشهور حيث سأله سائل فقال: إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي.
فقال له: لا تطلقها.
فأورد عليه حديث عمر، فقال له الإمام أحمد جواباً سديداً، قال: وهل أبوك عمر؟ أي: هل أبوك مثل عمر لا يأمر إلا بشيء لابد منه؟ فالجواب: لا، وإذا كان الجواب بالنفي فلا يصح القياس.
وعلى الوالدين أن يتقيا الله عز وجل، وألا يفرقا بين الرجل وزوجه؛ لئلا يكونا مثل السحرة الذين يتعلمون من الشياطين ما يفرقون به بين المرء وزوجه، وإذا رأى الابن أن الحال لن تستقيم بوجود الزوجة مع الأم في بيت واحد، ففي هذه الحال يخرج من البيت هو وزوجته وينفردان عن الأم، قد يقول: لا ترضى الأم أن أنفرد بزوجتي في بيتٍ آخر، نقول: وإن لم ترض فيقال لها: إما أن تحسني العشرة وإما أن أخرج.
ولكن مع ذلك لا يظن الظان أننا نرجح في هذه الحال جانب الزوجة، فلو فرض أن الزوجة تسيء إلى الأم، فإن الواجب على الزوج أن ينهاها ويؤدبها.