الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا نستفتح لقاءنا الأسبوعي هذا وهو اللقاء الثاني من شهر رجب عام (1414هـ) ، والذي يتم في كل يوم خميس، نستفتحه بتفسير سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1] لأنه انتهى بنا المطاف في تفسير جزء النبأ إلى هذه السورة، واخترنا أن نفسر السور القصيرة وهي المفصل؛ لأنها تقرأ كثيراً في الصلوات على العامة، والقرآن نزل لأمور ثلاثة: الأول: التعبد لله سبحانه وتعالى بتلاوته، مما يترتب عليه الأجر، فإن من قرأ حرفاً من القرآن كان له به عشر حسنات.
والثاني: التدبر لمعانيه.
والثالث: الاتعاظ به، قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29] ولا يمكن أن يتذكر أحد بالقرآن إلا إذا عرف المعنى؛ لأن الذي لا يعرف المعنى بمنزلة الذي لا يقرأ، كما قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة:78] أي: إلا قراءة، لهذا ينبغي للمسلم أن يحرص على معرفة معنى القرآن؛ حتى ينتفع به، وحتى يكون متبعاً لآثار السلف فإنهم كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل.