Q هل للخلفاء الراشدين الأربعة سنة متبعة؟ وهل المقصود بحديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين.
) الخلفاء الأربعة أم يشمل غيرهم من الخلفاء، وجزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة هم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي باتفاق المسلمين وهم خلفاء راشدون لا شك، ولاسيما أبو بكر وعمر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا) وقال: (اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر) ولهم سنة متبعة لا شك في هذا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، لكن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مقدمة على سنتهم إذا ثبتت السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا عبرة بقول واحد منهم، ولا بقول جميعهم! مع أن هذا قد يكون مستحيلاً أن يتفقوا جميعاً على مخالفة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما أن تخفى على بعضهم السنة فهذا قد يقع، فهذا حديث الطاعون حين سافر عمر بن الخطاب إلى الشام وفي أثناء الطريق قيل له: إن هناك طاعوناً، فتوقف رضي الله عنه واستشار الصحابة الذين معه من المهاجرين والأنصار، ولم يكن عند أحدهم أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن استقر الرأي على أن يرجع إلى المدينة وألا يخاطر بالمسلمين، فأذن بالرحيل، فجاءه أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح) وكان عمر بن الخطاب يجله ويقدره، حتى قال حين طعن: لو كان أبو عبيدة حياً لجعلته خليفة من بعدي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعله أمين هذه الأمة، فقال: [يا أمير المؤمنين! كيف ترجع أتفر من قدر الله؟ قال: نعم، أفر من قدر إلى قدر الله!] أي: إن ذهبت إلى الشام فبقدر الله، وإن رجعت إلى المدينة فبقدر الله، ثم ضرب له مثلاً قال: [لو كان لك إبل في وادٍ له عدوتان -أي: شعبتان- إحداهما مخصبة والثانية مجدبة، بأي العدوتين ترعاها؟ قال: بالمخصبة، قال: أبقدر الله؟ قال: نعم، قال: إذاً تركت المجدبة بقدر الله، ورعيت المخصبة بقدر الله] وفي أثناء ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وكان قد ذهب في حاجة له، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الطاعون: (إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليها، وإذا وقع وأنتم فيها فلا تخرجوا منها فراراً منه) ولا شك أن مثل هذا يُسَرُّ به أمير المؤمنين ويُسَرُّ به المؤمنون جميعاً، فالحاصل أن السنة قد تخفى على بعض الخلفاء، فيقول قولاً أو يفعل فعلاً يخالفها من غير قصد منه، لكن كون الأربعة يتفقون على مخالفة السنة هذا بعيد ولا أذكر له مثالاً، وإن كان! فإذا تعارضت سنة أي شخص من هذه الأمة مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالواجب تقديم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.