وقفنا عند سورة البروج وفيها يقول الله سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} [البروج:1-2] .
البسملة آية مستقلة في الكتاب العزيز، وليست من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، يؤتى بها في أول كل سورة إلا سورة براءة، فإن الصحابة رضي الله عنهم لم يكتبوها في هذه السورة فبقيت بدون بسملة، وما اشتهر عند العوام من أن الجن اختطفوا بسملة سورة براءة، فهذا لا شك أنه باطل؛ لأن الله يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] ولا يمكن أن يسلط عليه الشياطين أو الجن حتى يختطفوا منه، بل إن الله تعالى حماه حين نزوله، وحماه بعد نزوله، وما ذكر عن بعض العلماء: أنه لم يذكر فيها البسملة؛ لأنها نزلت بالسيف؛ لأن فيها الأمر بقتال المشركين، فهذا غير صحيح؛ لأن البسملة بركة والجهاد في سبيل الله من أعظم ما يطلب فيه البركة.
على كل حال هي آية مستقلة من أول كل سورة إلا سورة براءة، وليست من الفاتحة على القول الراجح الذي دل عليه الحديث القدسي، وهو قوله تعالى فيما رواه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال: حمدني عبدي.
) إلى آخر الحديث، وهذا يدل على أن البسملة ليست من الفاتحة، وكذلك أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم سورة (اقرأ) أقرأه إياها جبريل، ولم يكن فيها بسم الله الرحمن الرحيم، فدل هذا على أنها ليست من السورة.