Q يأتي إلى بعض مناطق المملكة عمال وأغلبهم كفار قد يكونون نصارى أو هندوس، ويسكنون في مناطق المملكة، وقد يكون بجوارهم طلاب علم، وطلاب العلم قد لا يدعونهم إلى الإسلام، ويحصل منهم جفاء في المعاملة، ويستمرون هكذا طيلة السنين، ويذهبون إلى بلادهم ولا يدعونهم، مع أن المسلمين لو كانوا في الخارج لبذل النصارى جهودهم في دعوتهم فما توجيهكم؟
صلى الله عليه وسلم توجيهي أن الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم لكنها فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، لقول الله تبارك وتعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] وقال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف:108] (أدعوا إلى الله) كل أحد، (أنا ومن اتبعني) ، فكلما كان الإنسان أشد اتباعاً للرسول صلى الله عليه وسلم؛ كان أشد دعوة لشريعته، ولا شك أن هؤلاء الإخوة الذين نزل إلى جانبهم قوم من الكفار ولم يدعوهم إلى دين الإسلام لا شك أنهم مقصرون، وأن الذي ينبغي بل الذي يجب عليهم أن يدعوا هؤلاء إلى دين الإسلام حتى بالتأليف، فلو دعوهم إلى البيت وقدموا لهم الطعام، ثم تحدثوا إليهم ودعوهم إلى الإسلام، وبينوا لهم محاسنه كان هذا طيباً.
ولكن بعض الإخوة تغلب عليهم الغيرة مع الجهل فينفر من هؤلاء، ويقاطعهم، ويعاملهم بالشدة والقسوة، حتى ينفروا من الإسلام بسبب هذا الرجل المسلم، ويظنون أن أخلاق هذا المسلم هي الأخلاق التي يأمر بها الإسلام.
والغيرة وإن كانت حسنة محمودة؛ لكنها إذا لم تقرن بالحكمة والعلم صارت في الحقيقة غيرة ضارة، فعلى هذا ننصح إخواننا هؤلاء وغيرهم بأن يدعوا إلى الله عز وجل، وكما تفضلت بأن النصارى يبذلون كل غالٍ ورخيص من أجل الدعوة إلى النصرانية، مع أنها دين باطل أبطله الإسلام، ولكنهم حريصون بوحي الشيطان إليهم على دعوة الناس للنصرانية مع أنها دين باطل منسوخ بالإسلام؛ فما بالنا نحن -ونحن أمة العزم والحزم والصدق- نتكاسل حتى عن جيراننا الذين لهم حق علينا لا ندعوهم إلى الإسلام، ولا أدري عن هؤلاء الإخوة هل يقومون بحق الجوار أو لا يقومون؟ وفي الحديث: (إذا طبخت مرقة؛ فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك) وفي الحديث الصحيح أيضاً: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) وقال العلماء: إن الجار إذا كان غير مسلم فله حق الجوار، وإن كان مسلماً فله حق الجوار والإسلام، وإن كان مسلماً قريباً فله حق الجوار والإسلام والقرابة.
فانصح هؤلاء وقل لهم: ادعوا هؤلاء للدين، ربما يكون في دعوتهم خير (ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) وربما إذا اهتدى هذا الرجل دعا غيره كما هو مشاهد ومعلوم الآن.