حكم تقسيم الناس إلى درجات من جهة التلقي

Q بعض أهل العلم يقسم الناس من حيث التلقي إلى ثلاث مراتب: مرتبة الاجتهاد وهم العلماء، ومرتبة الاتباع وهم طلبة العلم، ومرتبة التقليد وهم العوام، فما رأي فضيلتكم في هذه القسمة؟

صلى الله عليه وسلم نعم.

الناس يختلفون، فمنهم من يصل إلى درجة الاجتهاد ومنهم دون ذلك، ومنهم من يكون مجتهداً في مسألة من المسائل، يحققها ويبحث فيها ويعرف الحق فيها دون غيره، ومن الناس من لا يعرف شيئاً.

فالعامة مذهبهم مذهب علمائهم، ولهذا لو قال لنا قائل: إنني أشرب الدخان؛ لأن في البلاد الإسلامية الأخرى من يقول: إنه جائز، وأنا لي حرية التقليد، قلنا: لا يسوغ لك هذا؛ لأن فرضك أنت هو التقليد، وأحق من تقلد علماؤك، ولو قلدت من كان خارج بلادك أدى ذلك إلى الفوضى في أمر ليس عليه دليل شرعي، ولو قال: إنه سيحلق لحيته؛ لأن من علماء الأمصار من قال: لا بأس بذلك، نقول له: لا يمكن، أنت فرضك التقليد، لا تخالف علماءك، ولو قال: أنا أريد أن أطوف على قبور الصالحين؛ لأن من علماء الأمصار من قال: لا بأس بذلك، أو قال: أريد أن أتوسل بهم إلى الله، وما أشبه ذلك، قلنا: لا يمكن هذا.

فالعامي يجب عليه أن يقلد علماء بلده الذين يثق بهم، وقد ذكر هذا شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، وقال: العامة لا يمكن أن يقلدوا علماء من خارج بلدهم؛ لأن هذا يؤدي إلى الفوضى والنزاع، ولو قال: أنا لا أتوضأ من لحم الإبل؛ لأنه يوجد من علماء الأمصار من يقول: لا يجب الوضوء منه، ولقلنا: لا يمكن، يجب عليك أن تتوضأ لأن هذا مذهب علماءك وأنت مقلد لهم.

لكن العامي إذا استفتاك فأفته بما تراه أنه الراجح، وإذا كان الراجح يخالف ما عليه الناس؛ فأفته به سراً ما دامت المسألة اجتهادية وليس فيها نص، وقل له: هذه فتوى بيني وبينك.

أما إذا كان الذي عليه الناس مخالف للنص؛ فأفته علناً ولا تُبالِ، لكن لا تذكر له الخلاف، فإن العوام يقولون: إذا أردت أن تحيِّر فخيِّر، ولهذا دائماً نقول للطلبة: لا تبينوا الخلاف للعامة فتذبذبوهم، ونقول: أيضاً لمن يعرف القراءات السبع: لا تقرأ بها أمام العامة؛ لأنك لو قرأت بقراءة أخرى غير التي في المصحف عندهم شوش عليهم ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015