Q كيف نجمع بين قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة:105] ، وبين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه،) إلى آخر الحديث؟
صلى الله عليه وسلم ليس بين الآية والحديث منافاة، وليس بين الآية وبين قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر} [آل عمران:104] منافاة؛ لأن الآية التي ذكرت قوله: {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] قيدت بقوله: إذا اهتديتم، ومن هدايتنا أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، لكن إذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يفيد شيئاً فحينئذٍ على الإنسان بخاصة نفسه، ولهذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مر بالمعروف، وانه عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العوام) .
فآية المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة:105] هي فيما إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر، أو كان أمره ونهيه لا يفيد، ولهذا قرأ أبو بكر هذه الآية، وقال: (أيها الناس! إنكم تقرءون قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه) .