خطر العدول عن التاريخ الهجري

إن المسلمين حين كثروا وانتشروا في الأرض وحدثت لهم معاملات وأحوال غير الحال الأولى احتاجوا إلى أن يجعلوا تاريخاً يمشون عليه، وكان ذلك في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمنهم من قال: نبتدئ تاريخ السنة من ربيع الأول؛ لأنه الشهر الذي أُنزل فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي أول ما نزل؛ ولأنه الشهر الذي هاجر فيه صلى الله عليه وسلم ووصل إلى المدينة وكوَّن الدولة والأمة، ولكن استقر الرأي على أن يكون أول السنة شهر المحرم؛ لأنه حين ينتهي الناس من موسم الحج وينصرفوا عنه.

والحج كما نعلم هو الركن الخامس من أركان الإسلام، فيكون المسلمون قد أنهوا هذا الركن العظيم واستراحوا بعده ولاسيما فيما سبق من الزمن، حيث كانوا يتعبون في الوصول إلى مكة وفي الرجوع منها، فرأوا أن ابتداء السنة يكون في الشهر المحرم، وهذا الرأي رأي موفق وسديد، ولا ينبغي لنا نحن معشر المسلمين أن نتحول عنه إلى تاريخ الأمة الكافرة التي تبني ميقاتها على أشهر وهمية ليس لها أصل وإنما هي اصطلاحية فقط، ثم ينبغي لنا أيضاً ألا نعتبر السنوات الميلادية؛ لأن لدينا السنوات الهجرية التي هي رمز عزتنا وقوتنا وكرامتنا.

وإننا لنأسف أن بعض الناس اليوم وهم قلة ذهبوا يؤرخون بالتاريخ الميلادي، وتنكبوا عن تاريخهم الهجري الإسلامي الذي وضعه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه واتفق عليه المسلمون، ولم نجد أحداً من العلماء يؤرخ فيما سبق بالتاريخ الميلادي أبداً، إنما يؤرخون بالتاريخ الهجري، تولى الخلافة سنة كذا وكذا، يعني: من الهجرة، ولد العالم الفلاني في سنة كذا وتوفي سنة كذا، حصل كذا في سنة كذا وكذا، بالتاريخ الهجري الذي وضعه الخليفة الثاني الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذه الكتب الآن تجد الإنسان إذا انتهى من المُؤلف قال: انتهى من تأليفه في يوم كذا، في شهر كذا من سنة كذا، كله بالهجرية، لكن دخلت الميلادية على المسلمين لما استعمر النصارى بلاد المسلمين في الشام ومصر والعراق وصارت لهم الغلبة والسيطرة؛ لأن العادة والطبيعة والفطرة تقتضي أن المغلوب يقلد الغالب، ولهذا أخذوا بهذا التاريخ، لكن هذه الدولة - السعودية باعتبارها دولة- قد جعلت تاريخها كما في نظام الحكم الصادر تاريخها هو التاريخ الهجري، وهذا لا شك أنه خير، لكن نأسف لبعض الناس الذين تنكبوا هذا وصاروا يؤرخون بالتاريخ الميلادي، مع أن نظام الدولة أن تاريخها هو التاريخ الهجري، بل نظام الأمة الإسلامية منذ وُضع هذا التاريخ في عهد عمر إلى يومنا هذا.

فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم اتباع سلفنا الصالح عقيدةً ومنهاجاً، وأخلاقاً وآداباً ومعاملة؛ إنه على كل شيء قدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015