فشهادة النسوة " قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء " وهذا سكوت عن موقفها، وإخفاء أيضا لما علمن به من موقف يوسف وعفافه، لأن عدم علمهن عنه السوء ليس علماً بالعدم.

لذلك لم تقبل هي شهادتهن، وأعلنت الحق في المشهد الأخير من قصتها

" الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ".

وأسدل الستار عليها وهي تقود مسيرة التائبات إلى الله.

في رحاب امرأة عظيمة للشيخ محمود غريب ..

عقل كبير هذا الذي صدرت عنه هذه الأفعال، فكل مشهد من مشاهدها بالغ في الحكمة، وما ذكرها الله في القرآن الكريم إلا لبيان هذا. فعندما وصلها خطاب سليمان تقبلته قبولا حسنا ووصفته " بكتاب كريم ".

" وطبقت مع شعبها نظام الشورى " يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون " سورة النمل 32. والشورى إرضاء للملأ، وحتى يتحمل المستشار أمانة إبداء الرأي فيحمل نصيبه في المسؤولية.

وهي معرفة بإمكانيات كل مسؤول في مكان اختصاصه. فقيادة الجيش لا تغنى عن مسؤول المالية، وكلاهما لا يغنى عن وزير الصحة، والمستشار في كل تخصص مؤتمن. وقد طلبت شهودهم لها فتعتبر الصامت موافق إذا أعطى الجميع حرية الكلم وإبداء الرأي، وفي الإسلام سكوت النبي صلى الله عليه وسلم - إقرار. " ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون " وحديثها عن الشورى هو أول ما نزل في القرآن عن الشورى. وجاءت بعده الآيات في الشورى.

فالإسلام كرم عقل المرأة إذا تجردت من هواها. وعاشت للأمور الكبيرة.

ثانيا ً: من نضج عقلها أنها لم تهتم بحماس شعبها وخطبه الحماسية، وترديد

الشعارات. " نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك

فانظري ماذا تأمرين " سورة النمل 33. ثبات في اللقاء، وطاعة

لأمرها. وهو جواب كاف.

ثالثاً: سعت قراءتها للنتائج الحربية التي تتجلى في قولها: " إن الملوك إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015