أن طاعونا وقع في شوال في سنة من السنين فمات فيه كثير من العرائس فتشائم بذلك أهل الجاهلية وقد ورد الشرع بإبطاله قالت عائشة رضي الله عنها: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وبنى بي في شوال فأي نسائه كان أحظى عنده مني وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة في شوال أيضا.
فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة والشؤم في ثلاث في المرأة والدار والدابة" خرجاه في الصحيحين من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد اختلف الناس في معناه أيضا فروي عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكرت هذا الحديث أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إنما قال: كان أهل الجاهلية يقولون ذلك خرجه الإمام أحمد وقال معمر سمعت من يفسر هذا الحديث يقول: شؤم المرأة: إذا كانت غير ولود وشؤم الفرس: إذا لم يكن يغزى عليه في سبيل الله وشؤم الدار: جار السوء وروي هذا المعنى مرفوعا من وجوه لا تصح ومنهم من قال قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا شؤم وإن يكن اليمن في شيء ففي ثلاثة" فذكر هذه الثلاثة وقال هذه الرواية أشبه بأصول الشرع كذا قاله ابن عبد البر ولكن إسناد هذه الرواية لا يقاوم ذلك الإسناد.
والتحقيق أن يقال في إثبات الشؤم في هذه الثلاث: ما ذكرناه في النهي عن إيراد المريض على الصحيح والفرار من المجذوم ومن أرض الطاعون إن هذه الثلاث أسباب قدر الله تعالى بها الشؤم واليمن ويقرنه ولهذا يشرع لمن استعاد زوجة أو أمة أو دابة أن يسأل الله تعالى من خيرها وخير ما جلبت عليه ويستعيذ به تعالى من شرها وشر ما جبلت عليه كما في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي خرجه أبو داود وغيره وكذا ينبغي لمن سكن دارا أن يفعل ذلك وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم قوما سكنوا دارا فقل عددهم وقل مالهم أن يتركوها ذميمة فترك ما لا يجد الإنسان فيه بركة من دار أو زوجة أو دابة غير منهي عنه وكذلك من أتجر في شيء فلم يربح فيه ثلاث مرات فإنه يتحول عنه روى ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه قال: من بورك له في شيء فلا يتغير عنه ففي المسند وسنن ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: "إذا كان لأحدكم رزق في شيء فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له".
وأما تخصيص الشؤم بزمان دون زمان كشهر صفر أو غيره فغير صحيح وإنما الزمان كله خلق الله تعالى وفيه تقع أفعال بني آدم فكل زمان شغله المؤمن