ذو القعدة أو ذو الحجة بل قد قيل: إنه أفضل الأشهر مطلقا وسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.
وزعم بعض الشافعية أن أفضل الأشهر الحرم رجب وهو قول مردود وأفضل شهر الله المحرم عشره الأول وقد زعم يمان بن رآب: أنه العشر الذي أقسم الله به في كتابه ولكن الصحيح أن العشر المقسم به عشر ذي الحجة كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقال أبو عثمان النهدي: كانوا يعظمون ثلاث عشرات العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من محرم وقد وقع هذا في بعض نسخ كتاب فضائل العشر لابن أبي الدنيا عن أبي عثمان عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه "كان يعظم هذه العشرات الثلاث" وليس ذلك بمحفوظ وقد قيل: إن العشر الذي أتم الله به ميقات موسى عليه السلام أربعين ليلة وإن التكلم وقع في عاشره.
وروي عن وهب بن منبه قال: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن مر قومك أن يتوبوا إلي في أول عشر المحرم فإذا كان يوم العاشر فليخرجوا إلي أغفر لهم.
وعن قتادة أن الفجر الذي أقسم الله به في أول سورة الفجر هو فجر أول يوم من المحرم تنفجر منه السنة ولما كانت الأشهر الحرم أفضل الأشهر بعد رمضان أو مطلقا وكان صيامها كلها مندوبا إليه كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وكان بعضها ختام السنة الهلالية وبعضها مفتاحا لها فمن صام شهر ذي الحجة سوى الأيام المحرم صيامها منه وصام المحرم فقد ختم السنة بالطاعة وافتتحها بالطاعة فيرجى أن تكتب له سنته كلها طاعة فإن من كان أول عمله طاعة وآخره طاعة فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين.
وفي حديث مرفوع: "ما من حافظين يرفعان إلى الله صحيفة فيرى في أولها وفي آخرها خيرا إلا قال الله لملائكته أشهدكم أني غفرت لعبدي ما بين طرفيها" خرجه الطبراني وغيره وهو موجود في بعض نسخ كتاب الترمذي وفي حديث آخر مرفوع: "ابن آدم اذكرني من أول النهار ساعة ومن آخر النهار ساعة أغفر لك مابين ذلك إلا الكبائر أو تتوب منها" وقال ابن مبارك: من ختم نهاره بذكر كتب نهاره كله ذكرا يشير إلى أن الأعمال بالخواتيم فإذا كان البداءة والختام ذكرا فهو أولى أن يكون حكم الذكر شاملا.