الحديث: "ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله رداءها علانية" قال يوسف بن إسباط: أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء قل لقومك يخفون لي أعمالهم وعلي إظهارها لهم.
تذلل أرباب الهوى في الهوى عز ... وفقرهم نحو الحبيب هو الكنز
وسترهم فيه السرائر شهرة ... وغير تلاف النفس فيه هو العجز
والمعنى الثاني: أن من عبد الله وأطاعه وطلب رضاه في الدنيا بعمل فنشأ من عمله آثار مكروهة للنفوس في الدنيا فإن تلك الآثار غير مكروهة عند الله بل هي محبوبة له وطيبة عنده لكونها نشأت عن طاعته واتباع مرضاته فإخباره بذلك للعاملين في الدنيا فيه تطبيب لقلوبهم لئلا يكره منهم ما وجد في الدنيا قال بعض السلف: وعد الله موسى ثلاثين ليلة أن يكلمه على رأسها فصام ثلاثين يوما ثم وجد من فيه خلوفا فكره أن يناجي ربه على تلك الحال فأخذ سواكا فاستاك به فلما أتى لموعد الله إياه قال له: يا موسى أما علمت إن خلوف فم الصائم أطيب عندنا من ريح المسك ارجع فصم عشرة أخرى ولهذا المعنى كان دم الشهيد ريحه يوم القيامة كريح المسك وغبار المجاهدين في سبيل الله ذريرة أهل الجنة.
ورد في حديث مرسل: "كل شيء ناقص في عرف الناس في الدنيا حتى إذا انتسب إلى طاعته ورضاه فهو الكامل في الحقيقة خلوف أفواه الصائمين له أطيب من ريح المسك" عري المحرمين لزيارة بيته أجمل من لباس الحلل نوح المذنبين على أنفسهم من خشيته أفضل من التسبيح انكسار المخبتين لعظمته هو الجبر ذل الخائفين من سطوته هو العز تهتك المحبين في محبته أحسن من الستر بذل النفوس للقتل في سبيله هو الحياة جوع الصائمين لأجله هو الشبع عطشهم في طلب مرضاته هو الري نصب المجتهدين في خدمته هو الراحة.
ذل الفتى في الحب مكرمة ... وخضوعه لحبيبه شرف
هبت اليوم على القلوب نفحة من نفحات نسيم القرب سعى سمسار المواعظ للمهجورين في الصلح وصلت البشارة للمنقطعين بالوصل وللمذنبين بالعفو والمستوجبين النار بالعتق لما سلسل الشيطان في شهر رمضان وخمدت نيران الشهوات بالصيام انعزل سلطان الهوى وصارت الدولة لحاكم العقل بالعدل فلم يبق للعاصي عذر يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي يا شموس التقوى والإيمان اطلعي يا صحائف أعمال الصائمين ارتفعي يا قلوب الصائمين اخشعي.