ومن عظماء الملائكة حملة العرش، والعرش كبير ذو قوائم تحمله الملائكة، قال الله جل وعلا: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة:17]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ} [غافر:7]، فالله هنا ذكر طائفتين، طائفة تحمل العرش، وطائفة تطوف حول العرش.
فقوله تعالى: ((الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ)) هؤلاء طائفة، ((وَمَنْ حَوْلَهُ)) أي: طائفة من الملائكة آخرون يطوفون حول العرش، وكلتاهما قال الله في وصفهما: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر:7]، فهذه بعض وظائف أولئك الملائكة الكرام، ونحن نعلم أن الملائكة لكل منهم وظائف، وهم مؤدبون بين يدي ربهم، فقد أخبر الله جل وعلا عنهم أنهم يقولون: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} [الصافات:165]، وأخبر عنهم أنهم يقولون عن أنفسهم: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات:164] أي: مقام لا يتجاوزه وعمل لا يتعداه.
ولا شك في أنهم جبلوا على عبادة الله فطرة، قال الله تبارك وتعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].