أما الحرص فإن الإنسان ينبغي عليه أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب).
فالإنسان إذا علم يقيناً أن ما كتبه الله له سيأتيه على ضعفه، وما لم يكتبه الله له لن يناله بقوته، إذا علم هذا يقيناً اطمأنت نفسه وقل الحرص عنده، لأن الحرص أحياناً يكون مدعاة للآثام.
ولهذا عد الحرص أصلاً من أصول الخطايا؛ لأن الإنسان إذا كان حريصاً على قضاء شهوته قد يزني، وإذا كان حريصاً على زيادة ثروته قد يسرق، وإذا كان حريصاً على زيادة نفوذه قد يظلم، فهذا معنى قولهم: إن الحرص أصل من أصول الخطايا، وأحياناً قد يصل الحرص بصاحبه إلى أن يجمع شيئاً من غير حله فيقع في المهالك، ولهذا قال العلماء: إن الحرص أصل من أصول الخطايا، وأبونا آدم -كما بينا- حرص على أن يأكل من الشجرة لما قال له إبليس: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} [طه:120] فكان ذلك سبباً في أن يفقدها بالكلية إلى حين، ويخرج منها لكنه قطعاً سيعود، فهو نبي مكلم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه.