لما أمر المسلمين بالتبرّى عن المشركين والإعراض عنهم والانقباض عن الاستغفار لهم بيّن أنّ هذا سبيل الأولياء، وطريق الأنبياء عليهم السلام، وأنّ ابراهيم- عليه السلام- وإن استغفر لأبيه فإنما كان من قبل تحقّقه بأنه لا يؤمن، فلمّا علم أنه عدوّ لله أظهر البراءة منه.
قوله جل ذكره:
وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115)
إنّ الله لا يحكم بضلالكم وذهابكم عن طريق الحقّ باستغفاركم للمشركين إلا بعد ما تبيّن لكم أنكم منهيّون عنه، فإذا علمتم أنكم نهيتم عن استغفاركم لهم فإن أقدمتم على ذلك فحينئذ ضللتم عن الحقّ بفعلكم بعد ما نهيتم عنه ... هذا بيان التفسير للآية، والإشارة فيها أنه لا سلب لعطائه إلا بترك أدب منكم.
ويقال من أحلّه بساط الوصلة ما منى بعده بعذاب الفرقة، إلا لمن سلف منه ترك حرمة.
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (9) : آية 116]
إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (116)
الحقّ لا يتجمّل بوجود مملوكاته، ولا يلحقه نقص بعدم «1» مخلوقاته، فقبل أن أوجد شيئا من الحادثات كان ملكا- والملك أكثر مبالغة من المالك- وملكه قدرته