ليس من قام بمعاملة ظاهره كمن استقام فى مواصلة سرائره، ولا من اقتبس من سراج علومه كمن استبصر بشموس معارفه، ولا من نصب بالباب من حيث الخدمة كمن مكّن من البساط من حيث القربة «1» ، وليس نعت من تكلّف نفاقا كوصف من تحقّق وفاقا، بينهما بون بعيد! قوله جل ذكره:
الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (20)
«آمَنُوا» أي شاهدوا بأنوار بصائرهم حتى لم يبق فى سماء يقينهم سحاب ريب، ولا فى هواء «2» معارفهم ضباب شك.
«وَهاجَرُوا» : فلم يعرّجوا فى أوطان التفرقة فتمحّضت «3» حركاتهم وسكناتهم بالله لله.
«وَجاهَدُوا» : لا على ملاحظة عوض أو مطالعة عوض فلم يدّخروا لأنفسهم- من ميسورهم- شيئا إلا آثروا الحقّ عليه فظفروا بالنعمة فى قيامهم بالحقّ بعد فنائهم عن الخلق.
قوله جل ذكره:
يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22)